المراسل الآلي
عضو مميز
- المشاركات
- 69,372
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 1
- الدولة
في قلب جبال الهيمالايا، وعلى ارتفاع لا صوت يعلو فيه فوق صوت الرياح والرصاص، رسم القرن الماضي بين الهند وباكستان في إقليم كشمير المتنازع عليه، خط نار فوق الجليد وسُمّي "خط السيطرة LoC" وهو أخطر حدود غير مرسّمة في العالم.
خط السيطرة بين الجارتين النوويتين ليس مجرد فاصل جغرافي، بل منطقة عسكرة تسكنها البنادق أكثر من البشر، خط لم يهدأ بين بلدين منذ أن استقلا عن بعضهما البعض في 1947.
فالحروب بين إسلام أباد ونيو دلهي لا تنتهي بتوقيع اتفاق -غالباً-، بل هدنات قابلة للاشتعال، كما شاهدنا خلال الأيام الماضية من اشتباكات واسعة بأسلحة مختلفة بدأت من خط السيطرة حتى وصلت إلى عمق البلدين.

طبيعة الحدود
يمتد خط السيطرة بين الهند وباكستان لمسافة تقارب 740 كيلومتراً، وهو خط غير معترف به من الجانبين، على عكس الحدود الدولية شبه الهادئة بينهما.هذا الخط رسمته الأمم المتحدة عقب الحرب الباكستانية الهندية الأولى عام 1949، وكان أول ما سمي به هو "خط وقف إطلاق النار"، وذلك في إطار إنهاء الحرب التي استمرت بين الجارتين المنفصلتين حديثاً لأكثر من عام.
هذا الاتفاق لم يكن رادعاً لأي طرف، لأنه كان مؤقتاً، حتى توقيع معاهدة "شيملا" عام 1972 بين البلدين، والتي أطلقت على الحدود المتنازع عليها اسم "خط السيطرة".
ويعيش بالقرب من خط السيطرة بين الهند وباكستان مدنيون في قرى ومناطق جبلية وعرة، لكنه يشكل خطراً عليهم بسبب كثرة الألغام الأرضية والاشتباكات الحدودية المستمرة.
الانتشار العسكري
يعتبر خط السيطرة أكبر منطقة تمركز عسكري دائم في العالم، حيث تحتفظ الهند بأكثر من 500 ألف جندي فيه، أما باكستان فتنشر ما بين 150 إلى 200 ألف جندي.هؤلاء الجنود يقفون على أهبة الاستعداد مدجّجين بالأسلحة، وتحيط بهم المدرعات والدبابات، وحتى الطائرات، وكأن الحرب تبدأ بعد ثانية، وهذا ما يجعل من كل اشتباك احتمالاً لكارثة إقليمية وحرب شاملة، ويسبب قلقاً دولياً.
الهدنة القابلة للاشتعال
رغم وجود عدة اتفاقيات لوقف إطلاق النار بين باكستان والهند، من أبرزها اتفاقية ما بعد الحرب الأولى عام 1949 وشيملا 1972، إلا أن جميع هذه الاتفاقيات بين الطرفين شهدت انتهاكات لعشرات المرات.بينما يرى الهنود والباكستانيون بأن أفضل اتفاقية لوقف إطلاق النار صمدت لفترة طويلة، هي التي لم تكن مكتوبة في عام 2003، بل كانت تفاهماً عسكرياً ميدانياً بين الجيشين، في أعقاب تصاعد التوترات والاشتباكات المتكررة على خط السيطرة.

التفاهم العسكري بين إسلام أباد ونيو دلهي عام 2003 ساهم في خفض التوترات على الحدود غير المعترف بها، حتى تصاعدت الانتهاكات تدريجياً في 2016.
ووصلت الاشتباكات إلى حد غير مسبوق في 2017، حيث قالت وسائل إعلام في البلدين إن العام 2017 شهد 971 انتهاكاً لوقف إطلاق النار، وتسبب بمقتل 31 شخصاً وإصابة 11 آخرين، بمعدل ما يقارب 3 انتهاكات يومياً.
أما في العام 2020 بلغت الخروقات ذروتها، حيث كان خط السيطرة شاهداً على ما يقارب 5 آلاف خرق لوقف إطلاق النار، أي بمعدل 14 انتهاكا للاتفاقية غير المكتوبة في يوم واحد.
لكن المؤسستين العسكريتين قررتا تدارك الأمر خوفاً من الانزلاق لحرب والوصول لطريق مسدود، ففي فبراير 2021 أكدا على تجديد الالتزام باتفاقية 2003، وأصدرا بياناً مشتركاً -في سابقة لم تحدث منذ 1972- جاء فيه إن البلدين "اتفقا على الالتزام الصارم بجميع الاتفاقيات والتفاهمات المتعلقة بوقف إطلاق النار على طول خط السيطرة والمناطق الأخرى".
وساطات دولية
لذلك أعاد التصعيد الأخير خلال الأيام الماضية على خط السيطرة بين الهند وباكستان شبح الحرب، بعد اشتباكات وصلت إلى عمق البلدين.لذلك تحركت الوساطات الدولية في أكثر من 30 دولة بحسب مسؤولين باكستانيين، وفي مقدمتهم السعودية والولايات المتحدة لنزع فتيل الأزمة، والتي نجحت بدورها وساهمت في خفض التصعيد بينهما والاتفاق على وقف إطلاق النار، ظهر أمس العاشر من مايو الجاري.
لكن يشدد مراقبون على ضرورة الوصول إلى اتفاقية شاملة وملزمة للطرفين، تتضمن آلية مراقبة دولية مشتركة، تضمن على الأقل الحد من الخروقات المتكررة وتفرض استقراراً فعلياً ومستداماً على الأرض.
المصدر: https://www.alarabiya.net/arab-and-...ر-الدائم-ماذا-يعني-خط-السيطرة-للهند-وباكستان-