المراسل الآلي
عضو مميز
- المشاركات
- 67,428
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 1
- الدولة
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس الأحد، أنه أمر مسؤوليه بالعمل على إعادة بناء سجن ألكاتراز وفتحه مجدداً لاستقبال أخطر مجرمي الولايات المتحدة، بعد أن كان قد جرى إغلاق السجن الفيدرالي سيئ السمعة قبل 6 عقود. وكتب على منصته "تروث سوشيال" أن السجن الذي يقع على جزيرة صغيرة قبالة سواحل سان فرانسيسكو، سيخصص لـ"مجرمي أميركا الأكثر قسوة وعنفاً"، مضيفاً أنه سيجري العمل على "توسعته بشكل كبير".
ما أعاد إلى الواجهة هذا السجن الشهير الذي كان يلقب لعقود بالصخرة، والذي نسجت حوله العديد من "الأساطير".
فماذا نعرف عنه؟
أولاً لا بد من الإشارة إلى أن اسم ألكاتراز مشتق من الكلمة الإسبانية "Alcatraces". ففي عام 1775، كان المستكشف الإسباني خوان مانويل دي أيالا أول من أبحر إلى ما يُعرف الآن بخليج سان فرانسيسكو، حيث رسمت بعثته خريطة لخليج سان فرانسيسكو وأطلقت على إحدى الجزر الثلاث اسم Alcatraces.ومع مرور الوقت، حُوِّل الاسم إلى الإنجليزية ليصبح ألكاتراز. وبينما لا يزال المعنى الدقيق محل جدل، فإن تعريف ألكاتراز عادة يعني "البجع" أو "الطائر الغريب"، وفق المكتب الفيدرالي للسجون.
محمية عسكرية
أما عام 1850، فصدر أمر رئاسي يقضي بتخصيص الجزيرة لاستخدامها كمحمية عسكرية أميركية. وقد دفعت حمى الذهب في كاليفورنيا، وما نتج عنها من طفرة في نمو سان فرانسيسكو، والحاجة إلى حماية خليج سان فرانسيسكو، الجيش الأميركي إلى بناء قلعة أو حصن على قمة الجزيرة في أوائل خمسينيات القرن التاسع عشر.كما وضع الجيش خططاً لنصب أكثر من 100 مدفع على الجزيرة، مما جعل ألكاتراز الموقع العسكري الأكثر تحصيناً على الساحل الغربي.

سجن ألكاتراز (من موقع المكتب الفيدرالي للسجون)
وشكّلت ألكاتراز، إلى جانب "Fort Point and Lime Point"، "مثلث دفاع" مصمما لحماية مدخل الخليج. كذلك كانت الجزيرة موقع أول منارة عاملة على الساحل الغربي للولايات المتحدة.
بحلول أواخر خمسينيات القرن التاسع عشر، تم إيواء أول السجناء العسكريين في الجزيرة. وبينما تضاءلت أهمية ألكاتراز الدفاعية مع مرور الوقت (إذ لم تُطلِق الجزيرة نيرانها في المعارك)، فإن دوره كسجن استمر لأكثر من 100 عام.
"الصخرة"
وفي 1909، هدم الجيش القلعة، تاركاً طابقها السفلي أساساً لسجن عسكري جديد. ومن عام 1909 إلى 1911، بنى السجناء العسكريون في ألكاتراز السجن الجديد، الذي عُرِفَ باسم فرع المحيط الهادئ، ثكنات التأديب الأميركية للجيش. وقد اشتهر مبنى السجن هذا لاحقاً باسم "الصخرة".واستخدم الجيش الأميركي الجزيرة لأكثر من 80 عاماً، من 1850 حتى 1933، حين نُقلت إلى وزارة العدل لاستخدامها من قِبل المكتب الفيدرالي للسجون.

سجن ألكاتراز (من موقع المكتب الفيدرالي للسجون)
وكانت الحكومة الفيدرالية قد قررت افتتاح سجن شديد الحراسة، يتمتع بامتيازات محدودة، للتعامل مع أكثر السجناء تشدداً في السجون الفيدرالية، ولإثبات جدية الحكومة الفيدرالية في وقف الجريمة المتفشية في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي للجمهور الملتزم بالقانون.
الحياة في السجن
في حين أن العديد من المجرمين المعروفين، مثل آل كابوني، وجورج "ماشين-جان" كيلي، وألفين كاربيس، وآرثر "دوك" باركر، قضوا بعض الوقت في سجن ألكاتراز، فإن معظم السجناء هناك لم يكونوا من رجال العصابات المعروفين، بل كانوا سجناء رفضوا الالتزام بالقواعد واللوائح في المؤسسات الفيدرالية الأخرى، والذين اعتبروا عنيفين وخطرين، أو مصدرا خطرا للهروب.فيما بلغ متوسط عدد السجناء حوالي 260-275 سجيناً فقط (لم يصل السجن قط إلى سعته القصوى البالغة 336 سجيناً). واعتبر العديد من السجناء أن ظروف المعيشة (على سبيل المثال، وجود سجين واحد في كل زنزانة) في ألكاتراز أفضل من غيرها من السجون الفيدرالية، وطلب العديد منهم النقل إلى ألكاتراز.

سجن ألكاتراز (أرشيفية من رويترز)
لكن هذا السجن الذي صورته الكتب والأفلام "كجزيرة الشيطان" لم يكن كما وصف، بل صُمم ليكون سجناً خاصاً ضمن نظام السجون.
روتين يومي و4 حقوق
فإذا لم يُحسن السجين التصرف في مؤسسة أخرى، يُمكن إرساله إلى ألكاتراز، حيث وضع روتين يومي لتعليمه اتباع القواعد واللوائح.كما كان للسجين في ألكاتراز، 4 حقوق: الطعام، والملبس، والمأوى، والرعاية الطبية.
أما كل شيء آخر فكان امتيازاً يجب اكتسابه، ومنها العمل، والتواصل مع أفراد الأسرة واستقبال زياراتهم، وإمكانية استخدام مكتبة السجن، والأنشطة الترفيهية كالرسم والموسيقى.

سجن ألكاتراز (أرشيفية من رويترز)
وبمجرد أن يشعر مسؤولو السجن بأن السجين لم يعد يشكل تهديداً ويمكنه اتباع القواعد (عادةً بعد قضاء 5 سنوات بالمتوسط في ألكاتراز)، يُمكن نقله مرة أخرى إلى سجن فيدرالي آخر لإكمال عقوبته وإطلاق سراحه.
أشهر سجين
ربما كان أشهر سجين في الجزيرة هو روبرت ستراود، الملقب بـ"رجل طيور ألكاتراز"، والذي قضى 54 عاماً من حياته خلف القضبان علما أنه لم يكن لدى ستراود الذي جسده بيرت لانكستر في الفيلم الشهير أي طيور في ألكاترازففي عام 1909، أُدين بتهمة القتل غير العمد. وأثناء قضاء عقوبته في سجن جزيرة ماكنيل بولاية واشنطن، اعتدى بوحشية على سجين آخر، ما أدى لنقله إلى سجن ليفنوورث بولاية كانساس.

روبرت ستراود (من موقع المكتب الفيدرالي للسجون)
ثم في 1916، قتل حارساً في سجن ليفنوورث، وأُدين بتهمة القتل من الدرجة الأولى، وحُكم عليه بالإعدام. توسلت والدته لإنقاذ حياته، وفي 1920، خفف الرئيس وودرو ويلسون حكم الإعدام إلى السجن المؤبد.
وأدى سلوكه العنيف هذا إلى حبسه في الحبس الانفرادي. وخلال الثلاثين عاماً التي قضاها في ليفنوورث، نما لديه اهتمام بالطيور، وفي النهاية ألف كتابين عن الكناري وأمراضها.
في البداية، سمح مسؤولو السجن له بدراساته عن الطيور، إذ اعتبروها استثماراً بنّاء لوقته. إلا أنه غالباً ما عُثر على مواد مهربة مخبأة في أقفاص الطيور، واكتشف مسؤولو السجن أن المعدات التي طلبها لدراساته "العلمية" استُخدمت في الواقع لبناء جهاز تقطير "منزلي".

المستشفى السابق في جزيرة ألكاتراز (أرشيفية من رويترز)
ونُقل إلى سجن ألكاتراز عام 1942، حيث أمضى السبعة عشر عاماً التالية. وفي 1959، نُقل إلى المركز الطبي للسجناء الفيدراليين في سبرينغفيلد، ميزوري، حيث تُوفي في 21 نوفمبر 1963.
محاولات الهروب
وعلى مدار 29 عاماً (1934-1963) من عمل السجن الفيدرالي، شارك 36 رجلاً (من بينهم 2 حاولا الفرار مرتين) في 14 محاولة هروب منفصلة. ومن بين هؤلاء، أُلقي القبض على 23، وقُتل 6 بالرصاص أثناء هروبهم، فيما غرق اثنان. وأُعدم اثنان من الرجال الذين أُلقي القبض عليهم لاحقاً في غرفة الغاز بسجن ولاية كاليفورنيا في سان كوينتين لدورهما في مقتل ضابط إصلاحي خلال محاولة الهروب الشهيرة في "معركة ألكاتراز" بين 2 و4 مايو 1946.ويعتمد نجاح أي شخص في الهروب من ألكاتراز على تعريف "النجاة". ورسمياً، لم ينجح أحد في الفرار، مع أنه لا يزال هناك 5 سجناء مدرجين على أنهم "مفقودون ويُفترض غرقهم".
أساطير وعوائق رئيسية
ومن بين الأساطير العديدة حول ألكاتراز استحالة النجاة من السباحة من الجزيرة إلى البر الرئيسي بسبب أسماك القرش.إذ لا توجد في الواقع أسماك قرش "آكلة للبشر" في خليج سان فرانسيسكو، بل أسماك قرش صغيرة تتغذى على القاع.
لكن العوائق الرئيسية تتمثل في برودة الجو (بمتوسط 50-55 درجة فهرنهايت)، والتيارات القوية، والمسافة إلى الشاطئ (1.5 ميل على الأقل).
وقد سبحت فتاة مراهقة إلى الجزيرة، قبل افتتاح المؤسسة الفيدرالية عام 1934، لإثبات أن الأمر ممكن.

سجن ألكاتراز (أرشيفية من رويترز)
كما سبح خبير اللياقة البدنية جاك لالين ذات مرة إلى الجزيرة وهو يسحب قارب تجديف، وقبل عدة سنوات، قام طفلان في العاشرة من العمر بالسباحة أيضاً.
فإذا كان الشخص مدرباً ومهيأ جيداً، يمكنه النجاة من المياه الباردة والتيارات السريعة.
مع ذلك، بالنسبة للسجناء - الذين لم يكن لديهم سيطرة على نظامهم الغذائي، ولم يمارسوا رفع الأثقال أو التدريب البدني (باستثناء تمارين البطن والضغط)، ولم يكونوا على دراية بارتفاع وانخفاض المد والجزر - فقد كانت فرص النجاح ضئيلة.
إغلاق السجن
في 21 مارس 1963، أُغلق سجن ألكاتراز بعد 29 عاماً من التشغيل، إذ كان باهظ التكلفة للغاية بحيث لا يمكنه الاستمرار في العمل. وقُدِّرت الحاجة إلى ما بين 3 و5 ملايين دولار لأعمال الترميم والصيانة فقط لإبقاء السجن مفتوحاً.فيما لم يشمل هذا الرقم تكاليف التشغيل اليومية - كانت تكلفة تشغيل ألكاتراز أعلى بثلاث مرات تقريباً من أي سجن فيدرالي آخر.

من أمام مقر إقامة حارس جزيرة ألكاتراز (أرشيفية من رويترز)
أما السبب الرئيسي للتكلفة فكان عزلة الجزيرة، إذ كان يجب إحضار كل شيء (الطعام والإمدادات والمياه والوقود ...) بالقوارب.
فعلى سبيل المثال، لم يكن لدى الجزيرة مصدر للمياه العذبة، لذلك كان لا بد من نقل ما يقرب من مليون غالون من المياه إلى الجزيرة كل أسبوع. فتوصلت الحكومة الفيدرالية إلى أن بناء مؤسسة جديدة كان أكثر فعالية من حيث التكلفة من إبقاء سجن ألكاتراز مفتوحاً.
وبعد إغلاقه، هُجر سجن ألكاتراز بشكل تام تقريباً.
فيما طُرحت عدة أفكار من أجل تنشيط الجزيرة، بما في ذلك إنشاء نصب تذكاري للأمم المتحدة، ونسخة من تمثال الحرية على الساحل الغربي، ومركز تسوق/مجمع فندقي.
قضية الهنود الأميركيين
إلا أنه في عام 1969، تصدرت الجزيرة عناوين الأخبار مجدداً عندما أعلنت مجموعة من الهنود الأميركيين الأصليين ملكيتها لألكاتراز، على أمل إنشاء مركز ثقافي ومجمع تعليمي لهم على الجزيرة. واستخدم "هنود جميع القبائل" عصيانهم المدني لتسليط الضوء على المشاكل التي يواجهها الهنود الأميركيون.وكان الدعن الشعبي لقضية الهنود الأميركيين في البداية قوياً، وتوافد آلاف الأشخاص (من عامة الناس، وتلاميذ المدارس، والمشاهير، ومتظاهرين من حرب فيتنام...) إلى الجزيرة على مدار الثمانية عشر شهراً التالية.

سجن ألكاتراز (أرشيفية من رويترز)
غير أن مجموعة القيادة الصغيرة من الهنود الأميركيين الأصليين لم تتمكن من السيطرة على الوضع، ووقعت أضرار جسيمة (كتابات على الجدران، وأعمال تخريب، وحريق دمر منزل حارس المنارة، ومنزل مدير السجن، ونادي الضباط). وفي يونيو 1971، قام المارشال الفيدراليون بإزالة الأميركيين الأصليين المتبقين من الجزيرة.
من أشهر مواقع إدارة المتنزهات
ثم أنشأ الكونغرس عام 1972، منطقة غولدن غيت الترفيهية الوطنية، وأُدرجت جزيرة ألكاتراز ضمن وحدة إدارة المتنزهات الوطنية الجديدة.في حين افتُتحت للجمهور بخريف 1973، وأصبحت من أشهر مواقع إدارة المتنزهات، حيث يزورها أكثر من مليون شخص من جميع أنحاء العالم سنوياً.
المصدر: https://www.alarabiya.net/arab-and-...ق-قبل-6-عقود-تعرف-على-سجن-الكاتراز-سيئ-السمعة