المراسل الآلي
عضو مميز
- المشاركات
- 52,226
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 1
- الدولة


أصدر مجمع الفقه الإسلامي السوداني فتوى قطعية تحرّم إطلاق الأعيرة النارية في المناسبات، مؤكدًا أن هذا الفعل "محرم شرعًا بالإجماع"، لما يترتب عليه من مخاطر جسيمة تبدأ بتعريض الأرواح للخطر وإصابة الأبرياء، وتنتهي بإثارة الفوضى وتهديد الأمن العام.
وفي بيان شديد اللهجة، شدد المجمع على أن هذه الظاهرة ليست مجرد سلوك عشوائي، بل جريمة تهدر المال العام والخاص وتحصد أرواح الأبرياء بلا سبب. كما دعا السلطات المختصة إلى اتخاذ إجراءات صارمة، عبر سنّ قوانين واضحة تستند إلى هذه الفتوى، مع ضمان تنفيذها بحزم لتحقيق الردع المطلوب.
وأكد المجمع أن إطلاق النار في المناسبات تحوّل إلى ظاهرة خطيرة تتفاقم مع غياب المحاسبة والتراخي في مواجهتها، محذرًا من أن استمرار هذا السلوك قد يؤدي إلى نتائج كارثية لا يمكن تداركها.

هل تكفي الفتاوى لإيقاف الرصاص القاتل؟
وفي السودان، الرصاصة لا تفرّق بين العرس والمأتم، ولا بين الفرح والمأساة. لحظة واحدة قد تحوّل رقصة إلى سقوط مميت، وقد يُستبدل فستان الزفاف بالكفن الأبيض. هنا، إطلاق النار ليس مجرد عادة، بل طقس مقدّس في الاحتفالات، حتى لو كان الثمن أرواحًا تُزهق بلا سبب.وبعد أن سالت دماء كثيرة، أصدر مجمع الفقه الإسلامي السوداني الذي يعد أعلى هيئة دينية بالبلاد، فتوى تُجرّم هذه الظاهرة، معتبرًا أنها "جريمة شرعية وأخلاقية وقانونية". لكن الفتاوى، كما القوانين، دائمًا ما تأتي متأخرة، بعد أن تكون الرصاصات قد أنهت مهمتها، وبعد أن يكون المشهد قد اكتمل بجثة جديدة وضحايا جدد.

أرقام مرعبة.. والرصاص يواصل عمله
الأرقام لا تكذب، لكنها أيضًا لا توقف الرصاص. وفي أم درمان وحدها، خلال أسبوع واحد من فبراير الماضي، تم تسجيل 51 إصابة برصاص طائش. وأثناء احتفالات استعادة الجيش السيطرة على مدينة ود مدني في يناير الماضي، لقي ثلاث أشخاص على الأقل مصرعهم فيما أُصيب أكثر من 55 شخصًا. ضحايا بلا ذنب، الرصاصات لم تكن موجهة إليهم، لكنها اخترقت أجسادهم، تاركة خلفها أسماء تحولت إلى ملفات في المستشفيات، وعائلات ما زالت تبحث عن إجابات.رصاصة واحدة تكفي لتغيير كل شيء
في مشهد صادم، كان طفل في العاشرة يركض في أحد الأزقة، يضحك، يلهو، يركل كرة صغيرة… ثم سقط بلا حراك. رصاصة طائشة اخترقت جسده الصغير، أُطلقت "احتفالًا" في مكان آخر، لكنها قررت أن تغيّر مصيره للأبد.وفي فيديو آخر، عريس في ليلة زفافه يرقص وسط أهله وأصدقائه، يغني، يرفع يديه عاليًا… ثم ينهار فجأة. الرصاصة لم تكن موجهة إليه، لكنها لم تجد طريقًا آخر. صرخات الفرح تحوّلت إلى نحيب، والليلة التي كان من المفترض أن تكون الأسعد، أصبحت الأخيرة.
أما المشهد الأكثر قسوة، فهو لفتاة تحمل شقيقها الملطخ بالدماء، تصرخ في الشارع: "أخي مات! أخي مات!". الزمن توقّف للحظة، الشارع تجمّد، والعابرون ظلوا بين الصدمة والعجز. لكن الحياة لم تتوقف، كما لم يتوقف الرصاص عن البحث عن ضحية جديدة.
وسائل التواصل توثّق والقاتل لا يهتم
منصات التواصل الاجتماعي امتلأت بصور الضحايا ومقاطع الفيديو التي ترصد لحظات الموت المباغتة. تحت وسم #رصاص_الفرح_يقتل، كتب أحدهم: "منذ متى أصبح إطلاق النار وسيلة للتعبير عن الفرح؟ كم شخصًا يجب أن يُقتل قبل أن ندرك أن الرصاص لا يحتفل معنا؟"لكن الرصاص لا يقرأ التغريدات، ولا يكترث للهاشتاغات. في السودان، ليس القاتل دائمًا مجهولًا، لكنه دائمًا بلا عقاب.
الفتاوى وحدها لا تكفي
المشكلة ليست فقط في الرصاص الطائش، بل في أولئك الذين يعتلون الأسطح في الخرطوم وود مدني والفاشر والجنينة وكسلا وغيرها من مناطق السودان، يضغطون على الزناد بلا تمييز، وكأنهم يخوضون لعبة مميتة. الفتاوى أُعلنت، والقوانين موجودة، لكن الرصاص لا يزال في الهواء، يبحث عن ضحية جديدة. والسؤال الذي يظل معلقًا، مثل تلك الرصاصات التي لم تسقط بعد: كم من الوقت سننتظر… حتى نكون نحن التاليين؟المصدر: https://www.alarabiya.net/arab-and-...ق-النار-بالمناسبات-هل-تكبح-جماح-القناص-الأعمى