المراسل الآلي
عضو مميز
- المشاركات
- 33,745
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 1
- الدولة
في إطار سلسلة "مراجعات" التي تعرض عبر شاشة "العربية"، استضاف الأكاديمي والسياسي والإعلامي ضياء رشوان، الكاتب الصحافي أحمد رمزي، الذي كانت رحلته مع الجماعة مليئة بالتحديات والمواقف التي دفعت به إلى مراجعة كل ما آمن به في شبابه.
البداية: لقاء أول وتأثير أولي
فقد بدأت رحلة رمزي مع تنظيم الإخوان في مرحلة مبكرة من حياته، تحديدًا في الصف الثاني الإعدادي.وروى أحمد بداية هذه الرحلة قائلاً: "كنت في الإعدادية، وكنت شغوفًا بتجربة أشياء جديدة. انضممت إلى جمعية الشبان المسلمين ضمن الكشافة، حيث كانت الأنشطة الكشفية تثير اهتمامي".
أحمد رمزي
كما أضاف أن الأنشطة الكشفية كانت تُدار بطريقة توحي بأن الأمور عادية، ولكن الأمور بدأت تتغير عندما لاحظ أن معظم القادة كانوا من الإخوان المسلمين.
واسترجع تلك الفترة قائلاً: "في البداية، لم أكن أعرف أنهم إخوان، ولكن مع مرور الوقت، بدأت الأمور تتضح لي من خلال الأنشطة والدروس التي كانوا يقدمونها".
كذلك أوضح أن تلك الأنشطة لم تكن مجرد أنشطة كشفية تقليدية بل كانت تحمل رسائل دعوية واضحة. وقال "كانوا يخصصون جزءًا من الوقت لإقامة جلسات دينية وخطب قصيرة بعد الأنشطة الكشفية. في البداية، لم أعر الأمر اهتمامًا كبيرًا، لكن بعد فترة بدأت ألاحظ أن هذه الجلسات تروج لأفكار معينة لم أكن متأكدًا من مصدرها".
إلا أن الرحلة إلى الإسكندرية شكلت نقطة تحول في تجربته. ووصف أحمد هذه الرحلة قائلاً: "دُعيت إلى رحلة مع المجموعة الكشفية إلى الإسكندرية. خلال الرحلة، كانت هناك جلسات مغلقة وفعاليات دينية مكثفة. بدأوا يتحدثون عن مفاهيم دينية وسياسية كانت مألوفة لي من قراءاتي لكتب الإخوان".
وخلال هذه الرحلة، تمت مصارحة أحمد بطبيعة التنظيم وأهدافها، فأوضح قائلا "أحد القادة أخذني جانبًا وقال لي: أنت تعرف أننا إخوان، ونحن نحتاج إلى شباب مثلك لتبني الأجندة التي نسعى لتحقيقها. هذا كان نقطة تحول بالنسبة لي، حيث بدأت أرى الأمور بشكل أوضح".
كذلك حاول القادة إقناع أحمد بأنهم ليسوا فقط مجموعة كشفية بل جماعة تسعى لتحقيق أهداف إسلامية كبرى. وقال "كانوا يقولون لي إن هدفهم هو إعادة إحياء الإسلام في المجتمع ومكافحة الفساد والانحراف. كانوا يتحدثون عن أهمية الانضمام إلى جماعة قوية ومنظمة لتحقيق هذه الأهداف".
كان لأحمد تأثر كبير بالمظلومية التي كان يروج لها الإخوان، إذ أكد بنفسه أنه كان "مؤمنًا بأنهم مظلومون ويدافعون عن قضية عادلة"، مضيفا أن "هذا الشعور بالتعاطف جعله ينغمس أكثر في أنشطتهم وأفكارهم"،
إلى ذلك، أردف "كانوا دائمًا يتحدثون عن كيف أن المجتمع جاهلي ويحتاج إلى العودة إلى الإسلام الحقيقي. كنت أرى فيهم الدعوة إلى الله والجهاد في سبيله".
وأوضح كيف أن التنظيم كان يستغل شعور الظلم والاضطهاد لجذب الشباب، مؤكدًا أنهم "كانوا يستخدمون قصص الظلم التي تعرضوا لها لتكوين صورة ذهنية بأنهم الأبطال الذين يقفون في وجه الظلم والفساد". وقال "كنت أشعر بأنني جزء من قضية أكبر وأهم".
هكذا أدرك في ختام هذه المرحلة أنه أصبح جزءًا من تنظيم يسعى لتحقيق أهداف أكبر من مجرد الأنشطة الكشفية. ووصف تلك المرحلة قائلا "كانت هذه المرحلة هي البداية الحقيقية لانضمامي إلى الإخوان. بدأت أرى نفسي كجزء من حركة تسعى لإحداث تغيير جذري في المجتمع".
من الداخل: الانغماس في الفكر الإخواني
عندما انتقل رمزي إلى المرحلة الجامعية، وجد نفسه أكثر اندماجًا في أنشطة الإخوان. وقال "عندما التحقت بالجامعة، فوجئت بأن اسمي كان مسجلًا لديهم مسبقًا. كانوا ينتظرون وصولي. أحدهم جاءني وقال لي: أنت أحمد رمزي، صحيح؟ نحن الإخوان، ونريدك أن تكون معنا".في الجامعة، بدأت أنشطة الإخوان تأخذ طابعًا أكثر تنظيمًا وصرامة، وأوضح رمزي أنه: "كان هناك مسؤول يتابع كل جديد وينسق الأنشطة بدقة". وأردف "دعوني للانضمام إلى شقة يسكنها أعضاء من التنظيم، لكنني رفضت لأنني كنت مرتبطًا بأصدقائي القدامى. ومع ذلك، كنت أشارك في الأنشطة المختلفة".
شعار الإخوان والمؤسس حسن البنا
الأنشطة الجامعية لم تقتصر على الدعوة الدينية فقط، بل كانت تشمل أيضًا أنشطة رياضية وتدريبية، بحسب رمزي.
كما أضاف قائلا "كنا نشارك في طوابير الصباح ونتدرب على اللياقة البدنية. كانوا ينظمون معسكرات تدريبية في مناطق مثل مدينة نصر، حيث كنا نقوم بأنشطة رياضية ودروس دينية. كنا نصلي الفجر في جماعة ونستمع إلى خطب دينية بعد صلاة الفجر".
الشكوك: انفصال تدريجي
إلى ذلك، روى بعض المواقف التي أثرت فيه وجعلته يفكر مليًا في انتمائه للإخوان. وقال "في أحد المعسكرات، طلبوا منا أن نصوم طوال اليوم وفي نهاية اليوم قدموا لنا فروع شجر كطعام للإفطار. قال لنا المسؤول: هذا اختبار لتحمل الظروف الصعبة. لم أكن مرتاحًا لهذا الأسلوب ورفضت تناول الشجر".كذلك ذكر حادثة أخرى تمثلت في سرقة هاتف محمول لأحد الأعضاء خلال تجمع في شقة الإخوان، قائلاً "أحد الأعضاء فقد هاتفه المحمول واتهم الآخرين بالسرقة. حاولت أن أشرح لهم أن هناك من داخل الجماعة قد يكون وراء السرقة، لكنهم رفضوا الفكرة تمامًا وقالوا إن الجن هو الذي سرق الهاتف ليوقع الفتنة بيننا. هذا الموقف جعلني أشعر بأن هناك خللًا كبيرًا في التفكير والمنطق داخل التنظيم".
عندها بدأت تتراكم الشكوك لدى أحمد حول طبيعة التنظيم وأهدافه الحقيقية. وفي السياق، أشار إلى أنه كان "يلاحظ أن الكثير من القادة كانوا يتصرفون بطريقة متناقضة مع ما يروجون له، وكانوا يعيشون حياة مرفهة بينما يدعون الفقر والزهد". وقد زاد هذا التناقض من شكوكه وجعله يفكر بجدية في الابتعاد عنهم.
كما شكل الضغط المستمر من التنظيم على أحمد للابتعاد عن أصدقائه الطبيعيين والانضمام كليًا إلى التنظيم عاملًا مؤثرًا أيضا في قراره.
إذ أكد أنه كان يشعر دوما بالضغط للابتعاد عن أصدقائه والانضمام أكثر إلى التنظيم، ما لم يكن مقبولًا بالنسبة له، وفق تعبيره. وقال: "كنت أريد أن أعيش حياة طبيعية وأحتفظ بأصدقائي الحقيقيين".
الانفصال: قرار نهائي
لذا وفي نهاية هذه المرحلة، قرر أحمد أن ينأى بنفسه عن التنظيم ويبدأ في البحث عن طريقه الخاص. وأوضح أنه بدأ يركز أكثر على دراسته وأصدقائه الحقيقيين. وقال: "كانت هذه بداية رحلة جديدة بالنسبة لي. شعرت بأنني أستعيد حياتي وحريتي مرة أخرى".وختتم حديثه عن هذه الفترة بالقول: "كانت تجربة صعبة ومليئة بالتحديات، لكنني تعلمت منها الكثير. أدركت أن التنظيم لم يكن تيبر عن القيم والمبادئ التي كنت أؤمن بها. الآن، أشعر بأنني أعيش بصدق مع نفسي ومع الآخرين".
بعد الانفصال عن الإخوان واجه رمزي تحديات كبيرة على الصعيد الشخصي، إذ تحدث عن هذه الفترة قائلاً: "لم يكن الأمر سهلاً. لقد كنت محاطاً بأشخاص كانوا يعتبرون أنفسهم أصدقاء وأخوة، ولكن بمجرد أن أعلنت عن ترك التنظيم، تغيرت مواقف الكثيرين منهم. بالرغم من ذلك، نجحت في الحفاظ على صداقاتي الحقيقية والعلاقات التي كانت تعني لي الكثير".
كما أضاف: "الصداقة الحقيقية لا تتأثر بالخلافات الفكرية. لقد وجدت دعماً من أصدقائي الذين كانوا يفهمونني كشخص، وليس فقط كعضو في جماعة".
تحول فكري: إعادة نظر في المسلّمات
لاحقا بدأ أحمد في تبني التفكير النقدي وإعادة النظر في الكثير من الأمور التي كان يعتبرها مسلمات، قائلا "بدأت أقرأ أكثر وأفكر بعمق في الأمور التي كنت أعتقد أنها لا تقبل النقاش. كان التحول الفكري ضرورياً بالنسبة لي لأتمكن من فهم العالم بشكل أفضل وأتخذ قراراتي بناءً على قناعاتي الشخصية".كما أشار إلى أن هذا التحول لم يكن سهلاً، بل كان مليئاً بالتحديات والصراعات الداخلية، مؤكداً "التفكير النقدي جعلني أدرك الكثير من الأمور التي كانت غائبة عني. أصبحت أكثر انفتاحاً على الأفكار المختلفة وأكثر قدرة على التمييز بين الحقائق والأكاذيب".
فقد مر بمرحلة صعبة من الشك في كل شيء، لكنها انتهت بعودته إلى الإيمان الحقيقي، حسب تعبيره.
وأضاف: "تعلمت أن الدين ليس مجرد طقوس أو شعارات، بل هو علاقة فردية بين الإنسان وربه. يجب أن يكون الإيمان نابعاً من قناعة داخلية وليس نتيجة ضغوط اجتماعية أو فكرية".
أما حاليًا، فيتبنى رؤية متوازنة حول الدين والحياة. يصفها قائلاً "أرى أن الدين يجب أن يكون علاقة فردية بين الإنسان وربه، بعيداً عن التعصب والتطرف. أؤمن بأهمية التفكير النقدي والانفتاح على الأفكار المختلفة".
وأردف : "الحياة يجب أن تكون مليئة بالتسامح والتفاهم بين الناس، بغض النظر عن خلفياتهم الدينية أو الفكرية. علينا أن نعمل معاً لبناء مجتمع أفضل يقوم على احترام الآخر وقبول الاختلافات".
العمل الصحافي: تأثيرات التنظيم
بعد انفصاله عن التنظيم، بدأ رمزي يتجه نحو مستقبله المهني في الصحافة. وقال: "قررت أن أبدأ حياة جديدة وأركز على مستقبلي المهني. التحقت بكلية اللغة العربية وبدأت أعمل في الصحافة. كانت هذه المرحلة مليئة بالتحديات، لكنني كنت مصممًا على النجاح وتحقيق أحلامي".إلا أن تجربته مع الإخوان تركت أثراً عميقاً على نهجه في العمل الصحافي، فقد أعطته، وفق قوله "نظرة نقدية أكثر تجاه كل ما يقرأه ويكتبه". وقال: "كنت أتعامل مع كل معلومة بحذر وأتحقق منها بشكل دقيق. هذه التجربة علمتني أهمية الموضوعية والحياد في العمل الصحافي". وأضاف: "كنت أشعر أنني أحمل مسؤولية نقل الحقيقة للناس، خاصة بعد ما مررت به من تلاعب بالحقائق داخل الجماعة".
أما عندما بدأ أحمد في الكتابة عن التنظيم، فكان يهدف إلى كشف التناقضات التي عاشها بنفسه.
وفي السياق أوضح قائلا "بدأت أكتب عن تجربتي مع الإخوان وكيف أن هناك الكثير من التناقضات في سلوكهم وممارساتهم. كنت أرى أنه من واجبي أن أكشف الحقيقة للناس. كتبت مقالات عديدة تسلط الضوء على هذه التناقضات وتعرض تجارب الأعضاء السابقين". ويستطرد قائلاً: "كانت المقالات تثير ضجة كبيرة، فقد كنت أتناول مواضيع حساسة لم يكن الكثيرون يجرأون على التحدث عنها".
لكنه واجه الكثير من العقبات أثناء محاولته كشف الحقائق. وتحدث عن هذه الفترة قائلاً: "لم يكن الأمر سهلاً. واجهت الكثير من الانتقادات والتهديدات من قبل أعضاء التنظيم. كانوا يحاولون تشويه سمعتي والتشكيك في مصداقيتي، لكنني كنت مصممًا على الاستمرار في كشف الحقيقة".
وأردف: "في إحدى المرات، تلقيت تهديداً بالقتل عبر البريد الإلكتروني. كانوا يريدون إسكاتي بأي ثمن، لكن ذلك لم يزدني إلا إصراراً على مواصلة طريقي".
غير أنه رغم التحديات، وجد دعماً من زملائه في المهنة ومن المؤسسات الصحافية التي عمل بها، لافتا إلى أنه كان "محظوظًا بدعم زملائه ومديره في العمل، فقد كانوا يقدرون شجاعته ويشجعونه على الاستمرار في الكتابة وكشف الحقائق". وقال: "في كل مرة كنت أشعر بالإحباط، كنت أجد من يساندني ويقف بجانبي. هذا الدعم كان له دور كبير في استمراريتي".
وبفضل مثابرته وجهوده، حقق أحمد نجاحًا ملحوظًا في مجال الصحافة.
وختم حديثه قائلاً: "اليوم، أنا فخور بما حققته. تجربتي مع الإخوان كانت درسًا كبيرًا لي، لكنني تعلمت منها الكثير وأصبحت أقوى وأكثر وعيًا. أشعر بأنني أسهمت في توعية الناس وكشف الحقيقة، وهذا هو الهدف الأسمى لأي صحافي". وأردف "رغم كل الصعوبات، لم أندم أبداً على قراري بترك الجماعة والعمل على كشف حقيقتها".
المصدر: https://www.alarabiya.net/arab-and-...داخل-تنظيم-الاخوان-دفعت-بي-الى-الشك-في-كل-شيء