المراسل الآلي
عضو مميز
- المشاركات
- 65,248
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 1
- الدولة


منذ قرون، اتجه البشر لصنع ما عرف بأقنعة الموت بهدف الحفاظ على تقاسيم الشخص المتوفي. وحسب التقنيات المعتمدة حينها، يتم سكب الجص أو الشمع على وجه المتوفي للحصول على نوع من المجسمات الأخيرة لوجهه. ولاحقا، يتم استخدام هذا القناع لأغراض عديدة حيث يعتمد أساسا كنموذج لرسم لوحة أو بناء تمثال للشخص المتوفي. ومع ظهور التصوير الفوتوغرافي، اختفت تقنية اعداد أقنعة الموت بشكل تدريجي بعد أن عرفت ذروتها ما بين القرنين السابع عشر والتاسع عشر.
إلى ذلك، يصنف قناع الموت الذي تم اعداده لمجهولة نهر السين، أو كما تعرف أيضا بفتاة نهر السين المجهولة، كواحد من أشهر أقنعة الموت بالعالم حيث حقق الأخير رواجا كبيرا على الرغم من عدم تحديد هوية صاحبته.

مجسم لقناع مجهولة نهر السين
قناع جنائزي مجهول الهوية
ووفقا للقصة الشائعة، استخرجت خلال ثمانينيات القرن التاسع عشر جثة فتاة من نهر السين (Seine) بالقرب من رصيف اللوفر بباريس. إلى ذلك، لم تحمل هذه الجثة أي آثار عنف. وبسبب ذلك، رجّح كثيرون انتحار صاحبة الجثة عن طريق إلقاء نفسها بنهر السين. وحسب أطوار القصة، أعجب أخصائي التشريح بتقاسيم وجه جثة الفتاة مجهولة الهوية والتي لقبت فيما بعد بمجهولة نهر السين. وبسبب ذلك، قرر الأخير صناعة قناع موت لوجه الفتاة.وأثارت قصة قناع مجهولة نهر السين العديد من التساؤلات حيث شكك المؤرخون في هويتها وأكدوا أن ملامحها لا تتطابق مع ملامح جثة انسان غارق استخرجت من النهر. وعلى إثر ذلك، ظهرت العديد من القصص حول هوية صاحبة القناع. ومن ضمن هذه القصص، تحدث الرسام الفرنسي جورج فيلا (Georges Villa) عن سماعه لأحاديث قدمها أحد معلميه أكد خلالها أن صاحبة القناع هي فتاة توفيت بسبب مرض السل الذي كان منتشرا بتلك الفترة. وبينما حدد الأخصائيون عمر صاحبة القناع بنحو 16 سنة، نقل عدد من الفرنسيين إشاعات تحدثوا من خلالها أن صاحبة القناع هي ابنة رجل ألماني مختص بمجال صناعة الأقنعة الجنائزية.

نموذجان من قناع مجهولة نهر السين نحتا بالقرن العشرين
شهرة مجهولة نهر السين
وعلى الرغم من عدم تحديد هوية صاحبته بدقة وتلقيبه فقط بقناع مجهولة نهر السين، حقق هذا القناع شهرة كبيرة حيث بيعت مئات النسخ منه بأسعار باهظة. وبإيطاليا، أنتجت ورشة لورينزي (Lorenzi)، بشكل متسلسل، أعداد كبيرة من هذا القناع الذي تحول لقطعة ديكور اقتناها الأثرياء لتزيين منازلهم بها.
لوحة تجسد قناع مجهولة نهر السين
ومنذ القرن العشرين، ألهم قناع مجهولة نهر السين العديد من الأدباء والفنانين. وبسبب ذلك، ظهر بالعديد من الأعمال الفنية والأدبية حيث خصص له الأديب الفرنسي جول سوبرفيل قصة وقدم له الشاعر الروسي فلاديمير نابوكوف قصيدة ووضع الكاتب الفرنسي لويس فرديناند سيلين صورة القناع بكتاب الكنيسة (L’église).
وبداية من العام 1950، عرفت مجهولة نهر السين شهرة امتدت لمعظم أرجاء العالم. فخلال ذلك العام، ابتكر صانع ألعاب الأطفال النرويجي أسموند لايردال (Asmund Laerdal) الدمية المستخدمة خلال التدريبات بعمليات الإنقاذ والإنعاش. وحينها، اعتمد المخترع النرويجي على صورة قناع فتاة نهر السين كمصدر إلهام ومنح الدمية ملامح وجهها.

دمية إنعاش تحمل ملامح مجهولة نهر السين
المصدر: https://www.alarabiya.net/last-page/2025/04/28/تعرف-على-قصة-أشهر-قناع-موت-بالتاريخ-