المراسل الآلي
عضو مميز
- المشاركات
- 72,243
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 1
- الدولة


عقب الحرب الفرنسية البروسية ما بين عامي 1870 و1871 التي أسفرت عن توحيد ألمانيا ونهاية الإمبراطورية الفرنسية الثانية ووقوع نابليون الثالث بالأسر، شهدت فرنسا ظهور العديد من الحركات التمردية التي رفضت سلطة حكومة المجلس التأسيسي الذي انتخب خلال شهر فبراير (شباط) 1871 بالمناطق الحرة من فرنسا.
إلى ذلك، عرفت هذه التمردات بالكومونة (Commune) حيث تشكلت بالعديد من المدن كومونات حمل خلالها الأهالي السلاح ونظموا دفاعات لمواجهة أي تدخل محتمل من الجيش الفرنسي. واقتداء بكل من ليون ومرسيليا، ظهرت بالعاصمة باريس كومونة (Paris Commune) وصفت بالأعنف حيث أسفر تدخل الجيش الفرنسي، أو قوات فرساي، بها عن سقوط عشرات آلاف القتلى. وإضافة لذلك، شهدت باريس العديد من الحرائق، المفتعلة، التي أدت لتخريب عدد هائل من المعالم التاريخية والعريقة للمدينة.

من 4
قصر بلدية باريس عقب الحريق
قصر جوقة الشرف المحترق
صورة من داخل قصر بلدية باريس
صورة من داخل قصر أورساي المحترق
حرق المعالم التاريخية
منذ بداية ظهور كومونة باريس يوم 18 مارس (آذار) 1871، شهدت العاصمة باريس العديد من الحرائق التي عمد المتمردون الباريسيون لإشعالها لأسباب عدة تراوحت بين حماية التحصينات والحواجز التي أقاموها والإعتداءات ضد الأملاك الشخصية لعدد من الأشخاص المتهمين بالخيانة والعداء لأهالي باريس. وأثناء ما عرف بالأسبوع الدامي بباريس ما بين يومي 21 و28 مايو (أيار) 1871، توسعت أعمال الحرق لتطال مناطق أكبر من العاصمة باريس.عقب حريق شون دو مارس (Champ-de-Mars)، المصنفة كإحدى أكبر وأهم حدائق باريس، اندلعت الحرائق ليل 22 مايو (أيار) 1871 بوزارة المالية عند شارع ريفولي (Rivoli) بسبب القصف المدفعي الذي شنته قوات فرساي أثناء محاولتها استعادة باريس.
وأثناء تقدم الجيش الفرنسي، امتدت الحرائق يوم 23 مايو (أيار) لتشمل قصر جوقة الشرف وقصر أورساي (Orsay)، الذي أسس بأمر من نابليون بونابرت سنة 1810 وضم أقسام مالية حكومية كصندوق الضمان، وقصر التويلري (Tuileries) الذي بدأت أعمال تشييده خلال منتصف القرن السادس عشر. أيضا، امتدت بعض هذه الحرائق لتطال مناطق محدودة من قصر اللوفر الذي يعود تاريخ بداية تشييده لأواخر القرن الثاني عشر.

من 4
صورة لحريق قصر العدل بباريس سنة 1871
صورة لبقايا وزارة المالية بباريس
صورة لإحدى التحصينات خلال كومونة باريس
صورة تعبيرية تجسد باريس خلال الحرائق
وبتلك الفترة، لجأ المتمردون بكومونة باريس لإحراق العديد من الأحياء بهدف خلق كميات كبيرة من السحب الدخانية وعرقلة تقدم الجيش الفرنسي. وقد مثل شارع ليل (Lille) أحد أبرز الشوارع التي دمرت بشكل شبه كامل بفعل الحرائق.
سماء مضيئة ليلا بسبب الحرائق
ما بين يومي 24 و26 مايو ( أيار) 1871، امتدت عمليات الحرق لتشمل مزيدا من معالم باريس. فعلى الرغم من معارضة كثيرين لذلك، عمد المتمردون لإحراق مزيد من الأقسام بقصر اللوفر. فضلا عن ذلك، أحرق قصر بلدية باريس الذي يعود تاريخ تشييده لما بين القرنين الرابع عشر والخامس عشر إضافة لقصر لا سيتيه (Palais de la Cité) وقصر العدالة وإقليم الشرطة ومسرح لابورت سان مارتان (théâtre de la Porte Saint-Martin) والمسرح الغنائي (Théâtre-Lyrique).
من جهة أخرى، امتدت أعمال الحرق لتشمل حدائق لكسمبورغ كما أحرقت بعض شوارع باريس التاريخية إما بشكل كلي أو جزئي. وقد شملت الشوارع التي أحرقت كل من شارع الأورم (rue de l'Orme) وشارع بوندي (rue de Bondy) وشارع مازاس (boulevard Mazas) وشارع بومارشيه (boulevard Beaumarchais) والشارع الملكي (rue Royale) وشارع سانت هونوريه (rue Saint-Honoré) إضافة لنهج لامادولين (la Madeleine).
حسب المختصين بالمرصد الفلكي بباريس حينها، سجلت درجات الحرارة ارتفاعا من 18 درجة لنحو 25 درجة، أو أكثر، أثناء الأسبوع الدامي بباريس. فضلا عن ذلك، امتلأت السماء بالدخان والشظايا المحترقة التي تناثرت بكل مكان. وحسب العديد من الشهود حينها، كانت سماء باريس مضيئة أثناء الليل بسبب تواصل الحرائق بها.
عقب سحق كومونة باريس من طرف الجيش الفرنسي، أدين العديد من المسؤولين عن هذه الحرائق. وقد تواجد ضمن هؤلاء الأشخاص كل من فكتور بينو (Victor Bénot) ولويس ديكامب (Louis Decamps) وإيميل غوا (Émile Gois).
المصدر: https://www.alarabiya.net/last-page/2025/05/21/قصة-حرائق-اضاءت-ليل-باريس-لمدة-اسبوع-كامل-