المراسل الآلي
عضو مميز
- المشاركات
- 57,627
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 1
- الدولة


يلعب البقال أو من يعرف في الأوساط الشعبية المغربية، بـ"مول الحانوت"، دورا اقتصاديا واجتماعيا، وإنسانيا، أصبح فيه بطلا في عيون أهالي الحي الشعبي، الذي يقيم فيه تجارته بالتقسيط.
وينعتونه المغاربة بـ "موحماد" أو "السوسي"، نظرا لانتمائه الجغرافي لمناطق الأمازيغية القريبة من منطقة السوس، حيث يمثل دوره أهمية كبيرة في المخيلة الشعبية، لما يقدمه من خدمات تضامنية وإنسانية.

ويشكل اختفاؤه في العيد، أزمة في بيوت مغاربة وسكونا وهدوءا في الأحياء، حيث يعيشون طيلة عطلته في البلدة، رحلة بحث عن رغيف، وحليب، وعلبة سجائر، وكذلك رحلة بحث عن مكان يتجمع أمامه شباب "الحوما" أو الحارة، منتظرين عودته.
البقال "الطبيب والمخبر والبنك". طرائف قديمة
ولا يوثق التاجر أي ضمانات قانونية مع أهالي الحي فيما يقرضه من سلع وخدمات، بل تظل الثقة والتراضي والأمانة، عاملا أساسيا في تجارة يكون طابعها إنساني، حيث لا يكون فيها الأخير "بنكا" وفقط، بل مخبرا وطبيبا نفسيا يلجأ له عند الحاجة إلى "الفضفاضة".
وفي ذاكرة أجيال كثيرة، يعتبر "مول الحانوت"، منقذ أطفال من عقاب الأمهات، كما اشتهر بمقولته، "ممنوع الاقتراض والرزق على الله"، لكن يبقى تاجرا عطوفا وبطلا في عيونهم في كل مرة يتنازل فيها عن قوانينه الزجرية.
التاجر البطل
يحكي "عبد الرحمن"، بقال مغربي لـ"العربية.نت" و"الحدث.نت"، يمتهن تجارة صغيرة في أحد مدن الجنوب المغربي، منذ ما يقارب 25 سنة، بعدما أتى من إحدى القرى القريبة من مدينة زاكورة متجها إلى مدينة كلميم، ليعمل في سن صغيرة مساعدا لأحد التجار وبعد سنوات يقرر أن يفتح بقالة بأحد أحياء المدينة.ويقول متحدثا: "لقد مضيت ربع قرن في مهنة التجار الصغار، عشت طرائف كثيرة وسط الأحياء، وعايشت أجيالا منهم من لا يزال على قيد الحياة ومنهم من توفي، هي مهنة إنسانية تتطلب منك الصبر والملاحظة، وأحيانا تكون مجبرا أن تكون متعاطفا مع جيرانك والوافدين إليك، وأحيانا لابد أن تكون صارما، لأنك يمكن أن تكون أمام سارق، ومدمن، أو مختل عقليا..".
"مول الحانوت".. دور إنساني ودور اقتصادي
وعلى صعيد آخر يقول الباحث في التاريخ والتراث، هشام الأحراش، لـ"العربية.نت" و"الحدث.نت"، إن "تجار القرب"، هو نسيج اجتماعي، لا تجمعه علاقة تجارة مع الناس، بل تصبح علاقة إنسانية وغالبا ما يكونون من "حاملي كتاب الله وفقهاء"، والمحلات التجارية من هذا النوع تتحول إلى فضاء لتجمع سكان الحي.وإلى جانب ذلك، يستحضر الباحث المغربي، "الكارني"، الذي يقدمه البقال كضمان على اقتراض سلع ومواد غذائية، مقابل أداء الفاتورة في آخر كل شهر من خلال ثقة متبادلة بينهم، وهذا ما يمثل دور الاقتصادي الذي يلعبه "مول الحانوت"، الضامن لقوت الطبقات الفقيرة والمتوسطة على مر التاريخ.
المصدر: https://www.alarabiya.net/north-afr...مول-الحانوت-كيف-يواجه-المغاربة-غيابه-في-العيد