مقالة موجة حر قياسية تضرب السودان.. ومخاوف من تفشٍ للأمراض

[المراسل الآلي]

تشهد الولاية الشمالية وولاية نهر النيل بالسودان موجة حر قياسية غير مسبوقة، مع درجات حرارة تصل إلى أكثر من 47 درجة مئوية، وسط تحذيرات طبية من تفشٍّ محتمل لوباء التهاب السحايا الوبائي في ظل الظروف المناخية القاسية والاكتظاظ السكاني.
وحذرت الهيئة العامة للأرصاد الجوية في السودان من موجة حر غير مسبوقة، من المتوقع أن تضرب الولاية الشمالية وولاية نهر النيل، حيث يُنتظر أن تتجاوز درجات الحرارة عتبة 47 درجة مئوية، وسط ظروف مناخية توصف بأنها غير معتادة في مثل هذا الوقت من العام، وترتبط بتأثيرات التغير المناخي المتزايدة على المنطقة.
وقالت الهيئة، في بيان رسمي حمل إنذاراً مبكراً (رقم 1) اليوم الجمعة، إن الطقس سيكون "بالغ السخونة" خلال الأيام المقبلة، مشددةً على ضرورة التزام المواطنين بالإرشادات الوقائية لتفادي مخاطر الإجهاد الحراري، خاصةً بالنسبة لكبار السن والأطفال ومرضى الجهاز التنفسي.

إنذار هيئة الأرصاد السودانية
وأوصت الأرصاد بتجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس بين الساعة الحادية عشرة صباحاً والرابعة عصراً، مع ضرورة شرب كميات كافية من المياه، وتفادي المشروبات المنبهة والغازية. كما شددت على أهمية استخدام وسائل التهوية والبقاء في أماكن ظليلة، واللجوء إلى الرعاية الطبية في حال ظهور أعراض مثل الدوار أو الغثيان أو التعرق المفرط.

مخاوف من تفشّي التهاب السحايا​

في سياق متصل، حذرت الدكتورة أديبة إبراهيم السيد، اختصاصية الأمراض الباطنية وأمراض الأوبئة وعضو اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان، من تزايد حالات الإصابة بالتهاب السحايا الوبائي في بعض مناطق النزوح، لافتةً إلى أن الظروف المناخية الحالية، إلى جانب الاكتظاظ السكاني وسوء البيئة، توفر مناخاً ملائماً لانتشار المرض.
وقالت السيد، لـ"العربية.نت" و"الحدث.نت"، إن البكتيريا المسببة لالتهاب السحايا تنشط في درجات الحرارة المرتفعة، وتصيب الجهاز العصبي المركزي، وتؤدي إلى حمى شديدة وصداع حاد وآلام جسدية وصعوبات في التنفس، وقد تنتهي بالغيبوبة أو الوفاة خلال ساعات إذا لم يُعالج المريض بسرعة. ونبهت إلى خطورة الأوضاع الحالية في ظل تراجع الخدمات الصحية ونقص الكوادر الطبية وشح الأدوية، بالإضافة إلى غياب ممرات آمنة لنقل المصابين.
وأضافت: "ينبغي تفادي الأماكن المزدحمة، والالتزام بالنظافة الشخصية، وغسل اليدين جيداً لمدة لا تقل عن 40 ثانية، مع تجنب مخالطة المرضى، والإسراع في عرض أي حالة مشتبه بها على طبيب".

محاولات لاحتواء الحر​

استجابةً للظروف، قررت وزارة التربية والتعليم في ولاية نهر النيل تعديل اليوم الدراسي ليبدأ في الساعة السابعة صباحاً وينتهي عند الحادية عشرة، مع إلغاء الطابور الصباحي. وفي ولاية الشمالية، خُفّضت ساعات الدراسة أيضاً.

معاناة متصاعدة​

من جهته، قال المواطن أحمد حيدر، من مدينة شندي بولاية نهر النيل، لـ"العربية.نت" و"الحدث.نت"، إن المنطقة تشهد ارتفاعاً ملحوظاً في درجات الحرارة، تصل أحياناً إلى أكثر من 48 درجة مئوية في ساعات النهار، مشيراً إلى أن ذروة الحرارة تمتد حتى ساعات المساء، ما يفاقم معاناة السكان، خاصة في ظل الانقطاع المتكرر للكهرباء والمياه.
وأوضح حيدر أن ساعات النهار أصبحت شبه خالية من الحركة في الشوارع، وأن البيوت تحولت إلى "أفران مغلقة"، بحسب تعبيره، خصوصاً في ظل غياب وسائل التبريد، مؤكداً أن السكان باتوا يعتمدون على وسائل تقليدية لتبريد المياه، مثل استخدام "الأزْيار" وأواني الألمنيوم الموضوعة في الظل.
وأشار إلى أن قطع الكهرباء يؤدي مباشرةً إلى انقطاع المياه، نظراً لاعتماد معظم الآبار على مضخات كهربائية، مما يضطر السكان إلى التزود بالمياه مباشرة من نهر النيل للاستخدامات اليومية، بما في ذلك الشرب والطهي وسقاية الحيوانات المنزلية.
وسط هذه الظروف، تتعالى دعوات الفرق الصحية والناشطين المحليين لتدخل سريع من المنظمات الإنسانية والدولية، لدعم النظام الصحي، وتوفير الأدوية والمستلزمات الأساسية، تحسباً لاحتمال تفاقم الوضع الصحي، خاصة مع اقتراب فصل الخريف وتزايد حركة النزوح.
وتبقى المخاوف قائمة من أن يتحول شمال السودان إلى بؤرة صحية هشة، يصعب السيطرة عليها في ظل استمرار الحرب وتعطل مؤسسات الدولة، ما يستدعي استجابة استثنائية، قبل أن تتفاقم الأزمة وتخرج عن نطاق السيطرة.

المصدر: https://www.alarabiya.net/arab-and-...-حر-قياسية-تضرب-السودان-ومخاوف-من-تفش-للامراض