المراسل الآلي
عضو مميز
- المشاركات
- 33,870
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 1
- الدولة
في إطار سلسلة "مراجعات"، التي تسلط الضوء على تجارب الأفراد الذين كانوا جزءًا من تنظيم الإخوان المسلمين وقرروا تركها بلا رجعة، استضاف الأكاديمي والسياسي والإعلامي ضياء رشوان، الإعلامي حسام الغمري.
وعلى عكس معظم الضيوف السابقين، لم يكن الغمري عضوًا تنظيميًا في الإخوان، بل عمل كحليف سياسي ورأس تحرير قناتي "الشرق" و"الشرق الأوسط" الإخوانيتين من تركيا، تجربته الفريدة تعكس واقعًا مختلفًا، حيث تعاون مع قيادات الإخوان عن قرب، وكان جزءًا من آلتهم الإعلامية قبل أن يراجع نفسه ويترك العمل معهم ويعود إلى مصر.
ضياء رشوان
البداية: تعاون سياسي إعلامي
الغمري لم يكن عضوًا تنظيميًا في الإخوان المسلمين، ولكنه وجد نفسه في تعاون وثيق معهم من خلال عمله الإعلامي. يتحدث عن بداية تعاونه مع التنظيم قائلاً: "لم أكن أبدًا عضوًا في التنظيم، لكنني كنت حليفًا سياسيًا قريبًا لهم، انضممت إلى اتحاد القوى الوطنية من خلال أحد الأحزاب السياسية، وكان ذلك التحالف نوعًا من تبني الأجندة والمظلومية التي كانوا يروجون لها".حسام بدأ يشعر بالتعاطف مع قضايا التنظيم، ودافع عنها بقوة، متأثرًا بالمظلومية التي كانت تروج لها الجماعة، الوضع الذي يصفه قائلاً: "كنت مؤمنًا بأنهم مظلومون، وأدافع عن حقوقهم بشدة، معتقدًا أنني أدافع عن الحق والعدالة".
مع مرور الوقت، بدأت تظهر للغمري بعض الحقائق التي غيرت نظرته للتنظيم بشكل جذري. يتذكر لحظات الكشف عن حقيقة التنظيم قائلاً: "بدأت تتكشف لي حقائق مرعبة عن الجماعة، اكتشفت معلومات خطيرة جعلتني أرفض تمامًا فكرة أن الإخوان جماعة وطنية".
أحد الاكتشافات الرئيسية التي غيرت رأيه هو التلاعب بالمعلومات والأجندات المخفية للتنظيم. يوضح: "كنت في قلب الأحداث، أعمل كرئيس تحرير لقناة "الشرق" وقناة "الشرق الأوسط" في إسطنبول، ما رأيته من تلاعب بالمعلومات واستخدام الأجندات المخفية كان صادمًا، كان التنظيم يستغل التعاطف الديني لتحقيق مكاسب مالية وسياسية".
يتحدث الغمري عن صدمة اكتشاف أن التنظيم مستعد للتضحية بأفراده لتحقيق أهدافه، مشيرًا إلى أنه عرف من مصدر إخواني كبير أن التنظيم كان يتوقع ويخطط لوقوع عدد كبير من الضحايا لتحقيق أهدافه. يقول: "أخبرني أحد المصادر الإخوانية أنهم كانوا يتوقعون أن يموت 50 ألف شخص للضغط على الحكومة وإعادة محمد مرسي إلى السلطة، هذا يظهر قيمة الدماء عندهم".
مقابلة ضياء رشوان مع حسام الغمري
الغربة: العمل في إعلام التنظيم
بعد ثورة 25 يناير، بدأت تتغير الأوضاع السياسية في مصر بشكل كبير، ما دفع الغمري إلى الانتقال خارج البلاد، يتحدث عن هذه الفترة قائلاً: "لم أكن أتصور أنني سأترك مصر لفترة طويلة، لكن الضغوط والأحداث المتلاحقة دفعتني إلى اتخاذ هذا القرار".في الغربة، بدأ العمل في الإعلام الإخواني، حيث تولى مناصب قيادية، يقول حسام: "عملت في قلب الأحداث، وكانت تجربة جديدة ومليئة بالتحديات بالنسبة لي".
خلال فترة عمله في الإعلام الإخواني، بدأ الغمري يتعرف على تفاصيل دقيقة عن كيفية إدارة القنوات والأجندات المخفية التي تسعى الجماعة لتحقيقها، يتذكر قائلاً: "كانت هناك لجنة إعلامية تضع المضامين وتوجه الرسائل التي يجب أن نوصلها، كان العمل منظمًا بشكل كبير، والأهداف واضحة في تحقيق مكاسب سياسية ومالية على حساب الحقيقة".
يصف الغمري كيف كان التلاعب بالمعلومات جزءًا أساسيًا من عمله اليومي، يعلق: "كانت هناك أوامر بتضخيم الأحداث وتشويه الحقائق لخدمة أجندات معينة، أتذكر حادثة عندما طلب منا الهجوم على دولة عربية شقيقة بناءً على توجيهات من أجهزة مخابرات أجنبية، كانت تلك اللحظة بالنسبة لي صادمة وأدركت حينها حجم التلاعب والخداع الذي كنا نمارسه".
حسام الغمري
خلافات وانقسامات داخل التنظيم
ظهرت الخلافات والانقسامات داخل صفوف التنظيم، وهو ما لاحظه الغمري بشكل مباشر، يقول: "شهدت مرحلة الانقسام التي بدأت في تركيا وامتدت إلى لندن، كانت هناك خلافات حادة بين قيادات التنظيم، وصلت إلى حد استدعاء الشرطة التركية لفض الاشتباكات، كانت الانقسامات تدور حول التمويل والمكاسب الشخصية، وليس حول مبادئ أو أهداف سامية".أدرك الغمري أن الجماعة لم تكن تسعى لتحقيق أهداف نبيلة كما كان يظن في البداية، يقول: "اكتشفت أنهم طلاب دنيا وليسوا طلاب دين، كانوا يسعون لتحقيق مكاسب مالية ضخمة حتى لو كان ذلك على حساب المبادئ والقيم، يعيشون في قصور فاخرة ويستفيدون من تمويلات ضخمة تأتي من مصادر مشبوهة".
تلاعب: خطايا إعلام التنظيم
بدأت الحقائق تظهر للغمري عندما كان يعمل في قناة "الشرق" وقناة "الشرق الأوسط"، حيث أدرك أن جزءًا كبيرًا من الأخبار التي تُبث كانت مفبركة، يقول: "كانت هناك عمليات ممنهجة لفبركة الأخبار ونشر معلومات مضللة تهدف لتشويه صورة مصر والدول العربية الشقيقة، كنا نتلقى تعليمات مباشرة بفبركة الأخبار، وقد قدمت استقالتي بسبب رفضي المشاركة في هذه الفبركات".يوضح كيف كانت الجماعة تجند الإعلاميين وتوزع الأدوار عليهم لتحقيق أهدافها، يقول: "كان لدينا عدد قليل من الإعلاميين المحترفين، لكن تم تجنيدهم بعناية وتوزيع الأدوار عليهم بذكاء، كنا نستخدم السوشيال ميديا بشكل كبير لتضخيم الأحداث ونشر الإشاعات، حيث كان لكل فرد دور محدد في خلق حالة من الرأي العام الزائف".
ضياء رشوان
مصادر خارجية مشبوهة للتمويل
يتحدث الغمري عن كيفية تمويل التنظيم لأنشطته الإعلامية، مشيرًا إلى أن التمويل كان يأتي من مصادر خارجية مشبوهة: "التمويل كان يأتي من أجهزة مخابرات أجنبية ومن متبرعين متعاطفين مع قضيتهم المزعومة، كانوا يستخدمون هذه الأموال لتحقيق مكاسب شخصية، بينما يروجون لفكرة المظلومية لكسب تعاطف الناس وزيادة الدعم المالي".كشف الغمري عن بعض الفضائح الداخلية التي شاهدها خلال عمله مع التنظيم، موضحًا أن الفساد كان منتشرًا بشكل كبير: "شاهدت بأم عيني كيف كان يتم استغلال الأفراد واستنزافهم ماليًا ونفسيًا، كان هناك استغلال واضح للشباب والنساء، وكانت الأجندات الخفية تهدف فقط لتحقيق مكاسب سياسية ومالية".
مع مرور الوقت، بدأت تظهر الخلافات بين قيادات التنظيم، مما أثر على عملهم الإعلامي، يوضح: "كانت الخلافات والانقسامات تدور حول السيطرة على التمويل والمكاسب الشخصية".
حسام الغمري
منفى: نظرة من الخارج
يتحدث حسام عن تجربة التسع سنوات التي قضاها بعيدًا عن مصر، مشيرًا إلى الصعوبات التي واجهها والتحديات التي اعترضت طريقه: "كانت تلك السنوات مليئة بالتحديات، حيث كنت أتنقل بين بلدان مختلفة، وأعيش بعيدًا عن وطني وأهلي، كانت الغربة صعبة للغاية، وكانت فكرة العودة إلى الوطن تلازمني دائمًا".
يصف الغمري كيف استمر في عمله الإعلامي خلال فترة وجوده في الخارج، وكيف كانت تلك التجربة مختلفة عن العمل داخل مصر: "عملت في عدة وسائل إعلامية، وكان هدفي الرئيسي هو الدفاع عن قضايا الأمة، لكنني أدركت لاحقًا أنني كنت أساهم في نشر أجندات خاصة بالتنظيم، كانت هناك ضغوط مستمرة لتوجيه المحتوى الإعلامي بما يتناسب مع مصالح الإخوان".
يستذكر لحظات الصدام مع الحقائق التي كشفت له زيف التنظيم وأهدافه الخفية: "كانت هناك لحظات صعبة عندما بدأت أكتشف الحقائق المرة حول التنظيم، كنت أتعرض لضغوط كبيرة من قبل القيادات، وكنت أشهد على نقسامات وخلافات داخلية لم أكن أتوقعها، كانت تلك الحقائق صادمة وجعلتني أعيد التفكير في كل شيء".
قرار العودة إلى مصر
بعد تسع سنوات من الغربة، قرر حسام العودة إلى مصر، وهي خطوة لم تكن سهلة، يصف حسام كيف كانت صدمته كبيرة عندما اكتشف حجم الفساد والتلاعب داخل التنظيم، مما دفعه لاتخاذ قرار نهائي بترك العمل معهم، يقول: "كانت صدمة كبيرة لي عندما اكتشفت حجم الفساد والتلاعب داخل التنظيم، أدركت أنني كنت جزءًا من آلة إعلامية تهدف فقط لتحقيق مكاسب شخصية وسياسية، هذا ما دفعني لاتخاذ القرار النهائي بترك العمل مع التنظيم والعودة إلى مصر".يوضح: "اتخذت قرار العودة إلى مصر بعد أن أدركت أنني كنت أعيش كذبة كبيرة، كان القرار صعبًا، لكنني شعرت أن الوقت قد حان للعودة إلى وطني ومحاولة إصلاح ما يمكن إصلاحه، كانت العودة بمثابة تحرير لي من كل القيود التي كان يفرضها علي التنظيم".
ضياء رشوان وحسام الغمري
يتحدث عن تجربة إعادة الاندماج في المجتمع المصري بعد عودته، وكيف كانت هذه التجربة محملة بالتحديات والآمال: "عندما عدت إلى مصر، كان عليّ أن أبدأ من جديد، كنت أعلم أن هناك تحديات كبيرة، لكنني كنت مصممًا على إعادة بناء حياتي بعيدًا عن تأثير التنظيم، كانت تجربة العودة مليئة بالأمل والرغبة في الإسهام بشكل إيجابي في وطني".
يصف الغمري شعوره بالحرية والكرامة بعد العودة إلى مصر، وكيف أن هذه الخطوة كانت بمثابة بداية جديدة لحياته: "شعرت بالحرية الحقيقية لأول مرة بعد سنوات من القيود والتلاعب، كانت العودة إلى مصر بمثابة استعادة للكرامة والشرف، وأشعر الآن بأنني قادر على تقديم الأفضل لوطني".
المستقبل: نظرة متجددة
بعد عودته إلى مصر وتجربته مع الإخوان، يعبر الغمري عن رؤيته المتجددة لمستقبل البلاد، وكيف تغيرت نظرته بعد مراجعاته، يقول: "أعتقد أن مصر لديها إمكانات هائلة يجب علينا أن نستغلها بشكل صحيح، البلاد تمتلك ثروات طبيعية وموارد بشرية كبيرة يمكن أن تساهم في نهضتها، ولكن الأهم هو أن نتحد ونعمل معًا لتحقيق التقدم".يضيف: "أدركت أن الانقسام والتفرقة لن يؤديا إلا إلى تدمير بلادنا، علينا أن نتعلم من أخطائنا ونبني مستقبلًا أفضل، الفترات التي قضيتها خارج مصر علمتني أن الوحدة هي الأساس لأي تقدم، وأن الأيديولوجيات الضيقة والمصالح الشخصية يمكن أن تعرقل مسيرة التنمية".
ضياء رشوان
دور الوحدة الوطنية
يشدد الغمري على أهمية الوحدة الوطنية ودورها الحيوي في تحقيق الاستقرار والتقدم، يقول: "الوحدة الوطنية هي الأساس لأي تقدم، يجب أن نضع خلافاتنا جانبًا ونعمل من أجل مصر، الجماعة حاولت تفرقتنا باستخدام المظلومية والأيديولوجيات المختلفة، ولكن يجب علينا أن نتحد ونتعلم من تجاربنا الماضية".يرى أن الوحدة الوطنية ليست مجرد شعار بل هي عملية تتطلب جهودًا مستمرة من جميع الأطراف السياسية والاجتماعية، ويضيف: "لا يمكننا أن نحقق الاستقرار والتقدم إذا كنا متفرقين، يجب أن نتعاون ونتشارك في بناء هذا الوطن، التحديات كبيرة، ولكن بالإرادة القوية والعمل الجماعي يمكننا تحقيق المستحيل".
التعليم والإعلام
يرى الغمري أن التعليم والإعلام هما مفتاح التقدم والتطور، يقول: "التعليم الجيد والإعلام النزيه هما الأساس لبناء مجتمع متحضر، يجب علينا أن نستثمر في تعليم الشباب وتوفير بيئة إعلامية حرة ومستقلة تساهم في نشر الوعي والثقافة".ويؤكد أن "التعليم هو السلاح الأقوى في مواجهة التخلف والفقر، يجب أن يكون لدينا نظام تعليمي يركز على التفكير النقدي والإبداعي، وليس فقط على الحفظ والتلقين"، أما الإعلام فيجب أن يكون وسيلة لنشر الحقيقة والمعرفة وليس أداة للتضليل والدعاية.
حسام الغمري
تفاؤل رغم التحديات
يختتم الغمري رؤيته المستقبلية بالتأكيد على الأمل والتفاؤل، يقول: "رغم كل التحديات، أنا متفائل بمستقبل مصر، لدينا الإمكانيات والقدرات لتحقيق التقدم والازدهار، علينا فقط أن نتحلى بالإيمان والأمل ونعمل بجد لتحقيق أحلامنا".ويختتم: "التفاؤل هو القوة التي تدفعنا للأمام، لا يمكننا أن نحقق النجاح إذا كنا محبطين ويائسين، يجب أن نؤمن بقدراتنا ونعمل بروح الفريق الواحد لتحقيق أهدافنا".
المصدر: https://www.alarabiya.net/arab-and-...ياسي-من-معسكر-التضامن-الى-قطع-الصلات-بالتنظيم