المراسل الآلي
عضو مميز
- المشاركات
- 61,616
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 1
- الدولة


يُعد ريف حماة من أوائل المناطق التي تعرضت للقصف والتهجير في سوريا منذ بدايات عام 2011، مع انطلاق الحراك الشعبي.
وقد شهدت مناطق واسعة من الريف الشمالي، بدءًا من مدينة مورك وصولاً إلى حدود ريف إدلب الجنوبي، إضافة إلى الأرياف الشمالية الغربية ككرناز وكفرنبودة وقلعة المضيق، عمليات عسكرية مكثفة من قبل قوات النظام السوري المخلوع بشار الأسد مدعومة بالطيران الروسي والفصائل الموالية لإيران.
وتسببت الحملة العسكرية، التي استخدمت فيها البراميل المتفجرة بشكل عشوائي، في دمار واسع النطاق، وأجبرت آلاف المدنيين على النزوح وترك منازلهم وأراضيهم الزراعية، ولم تسلم البنية التحتية ولا المناطق السكنية من آثار القصف الذي لم يميز بين مدنيين أو منشآت حيوية.
مرت اليوم أربعة عشر عاما منذ أن ترك أهالي تلك الأرياف أراضيهم وأملاكهم وفروا مجبرين بأرواحهم ليستقروا في مخيمات اللجوء في ريف إدلب الشمالي في أطمة وحارم وغيرها من المخيمات.

من الدمار في حماة
رحلة العودة.. بدعم من مغتربين
مع بداية شهر مارس من العام الجاري، بدأت مجموعات من المهجّرين في شمال سوريا، بمحاولات جادة لإيجاد حلول تمكّنهم من العودة إلى قراهم ومدنهم في ريف حماة، رغم الصعوبات المالية واللوجستية التي تواجههم.يقول مروان الأحمد، أحد المهجرين من بلدة كرناز في ريف حماة الشمالي الغربي والمشرف على حملة "العودة"، إن الأهالي اصطدموا بعقبة رئيسية تمثلت في نقص الموارد المالية اللازمة لتمويل رحلة العودة.
ويضيف الأحمد في حديثه للعربية.نت والحدث.نت: "نحن مهجّرون من كرناز منذ عام 2012 ونعيش في مخيمات أطمة شمالي إدلب، ومع ذلك لم نفقد الأمل بالعودة، وفي 12 أبريل الجاري، تم تسيير أول قافلة من المخيمات إلى كرناز، بدعم مباشر من أبناء البلدة المقيمين في تركيا".
وأوضح أن هذا الدعم شمل تغطية نفقات نقل العائلات الراغبة بالعودة ممن لا يمتلكون القدرة المالية، بالإضافة إلى مصاريف شحن الأثاث والسيارات.

كفرنبودة.. دمار واسع وغياب تام للخدمات
في ظل استمرار مبادرات العودة الطوعية إلى مناطق ريف حماة، عاد عدد من العائلات إلى بلدة كفرنبودة في الريف الشمالي الغربي، رغم الدمار الواسع وغياب البنية التحتية والخدمات الأساسية.جهاد شعبان الإبراهيم، أحد العائدين من مخيمات الشمال السوري، يصف واقع البلدة بالكارثي، مشيرًا إلى أن "كفرنبودة مدمّرة بنسبة تتجاوز 90%، بينما تحتاج النسبة المتبقية إلى أعمال ترحيل ركام وتأهيل، كي تصبح صالحة للعيش ولو بشكل مؤقت".
ويضيف: "عدنا إلى منازلنا فوجدناها ومحلاتنا مدمّرة بالكامل، ونحن نحاول إصلاح ما يمكن إصلاحه، على الأقل غرفة واحدة تقي العائلة من الظروف الجوية القاسية".
ويواجه العائدون" تحديات كبيرة تعرقل جهودهم في الترميم وإعادة الاستقرار"، أبرزها غياب كلي للبنية التحتية. ويؤكد الإبراهيم أن البلدة تخلو من المراكز الصحية، وخدمات الاتصالات، وشبكات المياه والصرف الصحي، فضلاً عن عدم توفر المدارس.
وفيما يتعلق بالمياه، أوضح الإبراهيم أن العائلات تضطر لشرائها بأسعار مرتفعة لاستخدامها في أعمال الترميم، حيث يبلغ ثمن 2000 لتر من المياه غير الصالحة للشرب نحو 100 ألف ليرة سورية (ما يعادل 10 دولارات)، ويتم جلبها من أحد الآبار شمال البلدة.
وعلى الرغم من دعم الجهات الحكومية لفكرة عودة المهجرين إلى قراهم وتقديم "التسهيلات الخجولة" بما يتوفر لديهم من إمكانيات بحسب محافظ حماة عبد الرحمن السهيان إلا أن تلك المناطق بحاجة إلى أساسيات الحياة من مياه وكهرباء وصرف صحي وغيرها من الخدمات التي من شأنها تشجيع الناس على العودة.

من الدمار في حماة
حنين إلى الأرض رغم التحديات الكبيرة
"ما دفعنا إلى العودة هو الحنين إلى كفرنبودة، فهنا وُلِدنا وترعرعنا، وعشنا أجمل أيام حياتنا، رغم أن مقومات الحياة معدومة بشكل كامل"، هكذا يصف علاء أبو خالد، أحد سكان بلدة كفرنبودة، دوافعه للعودة إلى قريته التي كانت شاهدًا على سنوات من الحرب والدمار.ويضيف أبو خالد: "في مخيم أطمة، كنا نعيش في خيمة، وهنا سنعيش في خيمة أيضًا، ولكن فوق ركام منازلنا. ورغم أن الكهرباء والماء والخدمات الأساسية كانت متوفرة في المخيم، إلا أنها معدومة هنا في كفرنبودة".
وبحسب علاء، فإن تأمين مواد البناء لإصلاح أو إعادة بناء منازلهم أصبح تحديًا كبيرًا، إذ يعجز العديد من العائدين عن توفير تكاليف الترميم، مما اضطره للاستدانة من الأصدقاء والمعارف لتمويل بناء غرفة واحدة تكفي لإعادة لم شمل عائلته داخل البلدة.
ويطالب أبو خالد المسؤولين في محافظة حماة بتوفير بعض الاحتياجات الأساسية، مثل تمديد شبكة الكهرباء والمياه، لتسهيل عودة الأهالي إلى بلدتهم وبدء عملية إعادة الإعمار على الأقل بشكل جزئي.

من الدمار في حماة
مطالبات بتعزيز الأمن والأمان
من جهتها قالت صلوح عز الدين – سبعينية من بلدة كفرنبودة في حديثها مع العربية.نت والحدث.نت، أنها خرجت من البلدة منذ 15 عاما إلى مخيم حارم شمالي سوريا وعند عودتها وجدت بيتها مهدما وهي تعيش بمفردها دون وجود معيل لها.وتشير صلوح إلى أن أنها كانت تقيم عند ابنها قبل أن يعتقله النظام المخلوع في صيدنايا ويقتل هناك تحت التعذيب والآن لا يوجد لها معيل ولا تملك المال من أجل إعادة تأهيل منزلها.
وطالبت صلوح المسؤولين عن ملف عودة اللاجئين إلى توفير الأمن والأمان في البلدة من خلال وضع نقاط للأمن العام وتثبيت مركز للشرطة هناك من أجل محاسبة السارقين ومن يقومون بإطلاق النار بشكل عشوائي كما وصفتهم.
وتشير عز الدين إلى أنها تعرضت للسرقة على الرغم من أنها لا تملك شيئا ثمينا وليس لديها مال حيث قام اللصوص بسرقة خزان المياه من أمام منزلها وهي الآن غير قادرة على شراء غيره وتعيش بدون مياه ولا كهرباء، لكنها مصممة على قضاء ما بقي لها من أيام في هذه الحياة في بلدتها وفوق ركام منزلها كما تقول.
الكثافة السكانية
يتحدث عبد الكريم الدباغ للعربية.نت عن التحديات التي تواجه المهجرين من بلدة كرناز، حيث كان في العاشرة من عمره عندما اضطر وأسرته إلى مغادرة بلدتهم، ما يضعهم أمام مشكلة جديدة تمثلت في ازدياد عدد أفراد الأسر بشكل كبير خلال سنوات النزوح."خلال خمسة عشر عامًا من التهجير، تزوجتُ وأنشأتُ عائلة مكونة من أربعة أولاد وزوجة، بالإضافة إلى أخويّ وأخواتي الثلاثة الذين تزوجوا جميعًا في هذه الفترة"، يقول عبد الكريم، مضيفًا أن عدد أفراد عائلته قد ازداد من 8 أشخاص إلى 30 شخصًا اليوم.
ويؤكد الدباغ أن الوضع السكاني في بلدة كرناز شهد تغييرًا كبيرًا، إذ كان عدد سكان البلدة قبل بداية الثورة يقدر بحوالي 25 ألف نسمة، بينما يتوقع الآن أن يكون العدد قد ارتفع بشكل كبير، وربما وصل إلى نحو 80 ألف نسمة.
وتتسبب هذه الزيادة السكانية في تحديات كبيرة أمام عملية العودة، حيث يفتقر ريف حماة، إلى البنية التحتية اللازمة لاستقبال هذا العدد المتزايد من العائلات.
كما أن الكثير من المنازل في البلدة دُمرت بشكل كامل، مما يجعل إعادة الإعمار أو توفير سكن مناسب أمرًا بالغ الصعوبة.
المصدر: https://www.alarabiya.net/arab-and-...اللجوء-الى-خيام-العودة-معاناة-أهالي-ريف-حماة-