المراسل الآلي
عضو مميز
- المشاركات
- 82,644
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 1
- الدولة


يحرص بعض سكان غرب أفريقيا في شهر يونيو من كل عام على القيام بطقوس التواصل مع الأجداد لاستعادة الصلة بهم واستحضار طريقة حياتهم وأسلوب معيشتهم وتفكيرهم، ليس فقط احتفاء بجذورهم الثقافية والاجتماعية ولكن أيضا طمعا في الحصول على البركة والدعم في الحياة والنصائح التي تحميهم من الوقوع في أخطاء الماضي.
وقد اتخذت هذه الطقوس طابعا رسميا خاصة في بوركينا فاسو ومالي والنيجر حيث انتظمت مؤخرا ضمن مهرجان شعبي يطلق عليه اسم "مهرجان جيبون الدولي" يقام سنويا كل يونيو على ضفاف أشهر نهر في كل بلد.
صب الماء وإحياء الارواح
يفضل منظمو هذا المهرجان الاحتفاء بطقوسه بين الصخور ومياه نهر المتدفقة، حيث يسود الاعتقاد ان هذه الأماكن هي الأكثر تأثيرا في حياة الأجداد وبالتالي فهي الأكثر قربا من ارواحهم والأفضل لضمان استعادة صلة الأحفاد بجذورهم الثقافية.ويعني لفظ "جيبون" في الثقافة المحلية "صب الماء" ما يؤكد الغاية التي يرجوها السكان من وراء ممارسة هذه الطقوس وهي إحياء العلاقات ومد جسور المحبة والاعتراف بفضل الأسلاف من خلال صب الماء الذي يعني في ثقافتهم إحياء الأرض والزرع وبعث الروح.
ولأن هذه المنطقة من غرب أفريقيا تعاني من عدم الاستقرار منذ سنوات، فقد قامت السلطات خاصة في بوركينا فاسو بتقديم دعم لمنظمي المهرجان حتى يساهم في عودة السلام والاستقرار الاجتماعي والسياسي للمنطقة.
ويقول المنظمون إنهم اختاروا هذا العام شعار عودة السلام والأمن إلى بوركينا فاسو، كشعار للمهرجان في دورته السادسة، وغنهم يأملون عودة المغتربين والمهاجرين الذين غادروا قراهم إبان الصراعات الدموية ليتمكنوا من زيارة ديارهم مرة أخرى بعد استتباب الأمن، والانضمام إلى البقية لإعمار الأرض واستئناف جوانب الحياة بمباركة الأجداد.
وتتضمن طقوس هذا التقليد تقديم صدقات وقرابين لأرواح الأجداد، تكريما لهم وطلبا لرضاهم ومساعدتهم في عودة السلام والاستقرار إلى البلاد، وهو أهم مطلب يلح سكان غرب أفريقيا عليه حاليا بعد أن كانت مطالبهم السابقة تتركز على الأحلام الشخصية والحصول على موسم أمطار جيد من أجل تنمية الزراعة.
ومن بين الأمور الأخرى التي يُعتقد أن "جيبون" يحققها لرواده هو التخلص من سوء الحظ، وإعادة بناء روابط قوية بين الأجيال من خلال استعادة السلام والتماسك الاجتماعي وتخفيف التوترات وتعزيز قيم التضامن.
طقوس غريبة
في مالي لا تخلو طقوس هذا المهرجان من أمنيات بالسلام والأمن والسكينة والحماية كما هو الحال في بوركينا فاسو والنيجر، ويختار الماليون الاحتفال بهذا المهرجان في غابة خالية وتحديدا عند سفح تل أو جبل، حيث يقومون بسكب المياه اعتقادا منهم أن ذلك يجعلهم على تواصل مع أسلافهم تحت الأرض، ليتمكن من شكرهم.ويتميز الاحتفال السنوي بهذا المهرجان الشعبي في مالي بالكثير من الطقوس الغريبة كالتعاويذ والقرابين، وتتضمن قائمة القرابين الأغنام والدواجن والحليب، والعسل، والفواكه، وكل ما ينتجه المزارعون في تلك المناطق، حيث يتم التصدق بهذه المنتجات الغذائية على الفقراء والمحتاجين.
وفي ظلّ انعدام الأمن في مالي، يعتقد الكثيرون أن العودة إلى الممارسات التقليدية في مهرجان "جيبون" قد تُسهم في دعم التماسك الاجتماعي والوحدة الوطنية ويحثّ السكان على عدم إهمال أبنائهم وتركهم لعبة في أيدي المتطرفين.
المصدر: https://www.alarabiya.net/last-page...مع-الاجداد-تستغله-السلطات-لدعم-الوحدة-الوطنية