مقالة غضب بالمغرب من "كوتش" رفض تزويج ابنته القاصر وأباحه للقرويات

[المراسل الآلي]

خلال الساعات الماضية، أشعلت تصريحات لمدرب تنمية بشرية يدعى عادل نكاص مواقع التواصل الاجتماعي بالمغرب، بعد أن قال في أحد برامج البودكاست إنه لا يقبل أن يزوج ابنته التي تعيش في مدينة فاس العريقة، إلى حين أن تتم دراستها وتعرف الحياة، بالمقابل لم يمانع زواج الفتاة التي عاشت في القرى فور بلوغها سن 12.

ماذا حدث؟​

ما إن نشر مدرب التنمية البشرية عادل نكاص مقطع فيديو على صفحته الخاصة على إنستغرام وهو يدلي بدلوه بخصوص موضوع زواج القاصرات المثير للجدل في المغرب، حتى انهالت عليه التعليقات والانتقادات اللاذعة مخلفة هجوما واسع النطاق على الرجل الذي مزج في تصريحاته بين العنصرية الواضحة والتشجيع على زواج القاصرات.
فقد صرح عادل الذي يعرف نفسه على صفحته الشخصية بموقع إنستغرام ككوتش متخصص في التنمية البشرية، أنه بصفته يسكن في حي راق بمدينة فاس العريقة التي يمتد تاريخها لأكثر من 12 قرنا، لا يستطيع ولا يريد تزويج ابنته وهي في سن صغيرة، وإنما سيزوجها بعد أن تنضج وتفهم الواقع، أي بعد أن تتم دراستها.
لكنه تابع بالوقت عينه بأسلوب لا يخلو من تعال وعنصرية كما وصفه المعلقون، أنه لا يمانع تزويج فتيات يعشن في القرى النائية، والتي تعتمد في تغذيتها على كل ما هو عضوي طبيعي، بسن 12 عاماً.
كما علل المدرب، أن ظروف هذه الفتاة ومعيشتها تفرضان عليها الزواج في هذه السن، لأن المجتمع مختلف بالقرى.

"تحريض"​

ردا على هذه التصريحات، اعتبرت الدكتورة جهاد بريكي، في تعليقها على هذا المنشور، أن الكوتش يحرض على زواج القاصرات الذي يجرمه القانون المغربي، مطالبة بمتابعته قضائيا على هذا التصريح الخطير.
فيما انضمت بقية التعليقات للدكتورة، معتبرين أن تصريحات المدرب تمزج بين العنصرية والعقلية الذكورية التي ترفع شعار "ممنوع على بناتي، مسموح على بنات الناس".
فيما جاء رد الأستاذ المتخصص في الكيمياء المعروف محمد بابور على شكل تساؤل أورد فيه، "أن الفتاة في سن 12 قد تكون ضعف حجمك جسديا، ولكن عقليا هل لها ضعف نضجك؟"، مضيفا أنه إن كان النمو الجسدي شرطا من شروط الزواج، واستغرب بابور من كون مدرب التنمية البشرية لا يقبل أن يزوج ابنته حتى تصل سن النضج، في حين يقبل على الفتاة في البادية أن تتزوج في نفس السن.

"شواهد دولية لعقلية رجعية"​

إلى ذلك، استغرب النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي كيف لشخص يقدم نفسه كمدرب معتمد من أكاديميات في كندا وفي بريطانيا والولايات المتحدة، وفق ادعائه، أن يدلي بمثل هذه التصريحات المستفزة التي وصفها المعلقون بأنها تنم عن جهل وتخلف وعنصرية، معتبرين أنه يحتاج لدورات تكوينية في التنمية الذهنية والبشرية بعد هذه المقارنة.
فيما أوردت تعليقات أن الرجل كان مدرسا لمادة التربية الإسلامية في مدرسة ثانوية بمدينة فاس، وأنه يدعي أنه مدرب للتنمية البشرية.
من جانبها، صرحت الناشطة النسوية والأخصائية النفسية ريم عكراش في حديث مع "العربية.نت/الحدث.نت"، أن هذا النوع من التصريحات ينطوي على تمييز طبقي خطير، ويعكس عقلية تعتبر الفتاة القروية أقل قيمة من فتاة المدينة، متسائلة كيف لشخص يصف نفسه بـ"كوتش في التنمية البشرية" أن يشرعن بشكل مباشر زواج القاصرات رغم معاناتهن في العالم القروي، مستعملا الهشاشة كذريعة لتبرير هذا النوع من الزيجات.

كذلك اعتبرت الدكتورة ريم أن هذه التصريحات غير مقبولة، لأن مستقبل الفتيات في القرى لا يمكن ربطه بالزواج، وإنما بالتعليم واكتساب المهارات اللازمة، مؤكدة أنه من الواجب على المجتمع بأكمله أن يجد حلولا لضمان مسار دراسي ومهني لهؤلاء الفتيات.
وتابعت أنه إذا كان هدف "الكوتش" هو الدفاع عن العالم القروي، فكان من الأحرى أن يدافع عن سياسات عمومية لا أن يشجع على زواج القاصرات، ويشجع بالتالي على إنتاج نفس النموذج الذي يصمت أمام الظلم الذي تعيشه الفتاة بالقرى، ويغلفه بكلام عن "الواقعية".

‎ إشكالية زواج القاصرات​

يذكر أن إشكالية زواج القاصرات في المغرب لطالما خلقت الجدل في الشارع المغربي الذي ينقسم بين مؤيد ومعارض.
غير أن القانون المغربي جرم زواج الفتيات إلى حين بلوغهن سن الرشد، مع موافقة القضاة على بعض الاستثناءات التي يقل عددها عاما تلو آخر.
في حين أورد تقرير أخير صادر عن النيابة العامة المغربية أن طلبات الإذن بزواج القاصر بلغت سنة 2023 ما مجموعه 15319 طلبا، مسجلة بذلك انخفاضا واضحا مقارنة بسنة 2022 التي بلغ خلالها عدد الطلبات 19848 طلبا.
واستجابت الهيئات القضائية المختصة لـ8624 طلبا، في حين صرحت برفض 6407 طلبات، أي ما يمثل نسبة استجابة بلغت 56 بالمائة، ما يؤشر على أن حوالي نصف الطلبات المقدمة كان مآلها الرفض.

وناقش البرلمان المغربي، شهر يناير الماضي، مقترح قانون يقضي بتغيير وتتميم المادة 20 من القانون رقم 70.03 بمثابة مدونة الأسرة أحيل من مجلس المستشارين منذ 201، حيث تنص مدونة الأسرة على أنه يحق لقاضي الأسرة المكلف بالزواج أن يأذن بزواج الفتى والفتاة دون سن الأهلية المنصوص عليه في المادة 19، على ألا يقل سن المأذون له عن 16 عاما، بمقرر معلل يبين فيه المصلحة والأسباب المبررة لذلك، بعد الاستماع لأبوي القاصر أو نائبه الشرعي والاستعانة وجوبا بخبرة طبية وبحث اجتماعي".
وفي جميع الأحوال، ينبغي على القاضي أن يراعي تقارب السن بين الطرفين المعنيين بالزواج.

المصدر: https://www.alarabiya.net/north-afr...ن-كوتش-رفض-تزويج-ابنته-القاصر-وأباحه-للقرويات