المراسل الآلي
عضو مميز
- المشاركات
- 37,245
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 1
- الدولة
شهدت مدينة الزاوية، الواقعة غرب العاصمة طرابلس، اليوم الأحد، إطلاق عملية أمنية واسعة تهدف إلى ضبط الأمن ومكافحة الفوضى التي أصبحت تهدد استقرار المدينة، والتي تعد واحدة من أكثر المدن الليبية حيوية واستراتيجية.
تأتي هذه العملية بعد تزايد المطالب الشعبية بضرورة الحد من الانفلات الأمني الناتج عن انتشار التشكيلات المسلحة المتعددة داخل المدينة.
العملية الأمنية، التي تقودها قوات الساحل الغربي التابعة لوزارة دفاع الدبيبة، تعد جزءًا من خطة أمنية أعلن عنها آمرها، صلاح النمروش، بهدف تفكيك التشكيلات المسلحة الخارجة عن القانون، ومكافحة تهريب الوقود والبشر عبر السواحل القريبة من المدينة، وتأمين الطرق الرئيسية والمرافق الحيوية، وفرض هيبة الدولة في المدينة وإعادة الاستقرار إلى مؤسساتها.
مدينة الزاوية، التي تقع على بُعد حوالي 50 كيلومترًا غرب طرابلس، تُعد من أهم المدن الساحلية في ليبيا، ويصل عدد سكانها إلى حوالي 250 ألف نسمة. وبفضل موقعها الجغرافي القريب من البحر المتوسط والطريق الرابط بين طرابلس والحدود التونسية، صارت المدينة محورًا رئيسيًا لأنشطة التهريب، كما أن وجود مصفاة الزاوية للنفط جعلها هدفًا للطامعين من مختلف الأطراف.
خلال السنوات الماضية، أصبحت الزاوية ساحة لتنافس كبير بين التشكيلات المسلحة التي تسعى للسيطرة على الموارد الحيوية ومنافذ التهريب.
هذا الوضع أدى إلى انعدام الاستقرار وتكرار المواجهات المسلحة داخل المدينة، ما أثر على حياة السكان وأمنهم.
كما أن هشاشة الأجهزة الأمنية التابعة للدولة زادت من تغوّل هذه التشكيلات المسلحة، حيث أعلن وزير داخلية حكومة الدبيبة في أحد التصريحات الصحافية أن وزارته "لا سيطرة لديها على مدينة الزاوية"، وذلك في مواجهة عمليات الإجرام والقتل والتهريب وبيع المخدرات.
التشكيلات المسلحة في الزاوية
تعتبر التشكيلات المسلحة في مدينة الزاوية معقدة وغير واضحة بشكل كبير، ولكن أغلبها اتخذ موقفًا واضحًا من الصراع السياسي الموجود حاليًا في ليبيا، وانضم أحد الأطراف كمصدر حماية له.أبرز قوة في المدينة هي التي تتبع محمد بحرون، الملقب بـ"الفار"، المقرب جدًا من عائلة الدبيبة والمتهم الرئيسي في اغتيال عبد الرحمن البيدجا. ومكانه حاليًا غير معروف، ولكن قوته موجودة على الأرض في المدينة، ويُعد "بحرون" طرفًا رئيسيًا في معظم الصراعات المسلحة بالمدينة خلال الفترة الماضية.
كما يُعد علي أبوزريبة أحد أبرز قادة مدينة الزاوية، وهو عضو مؤثر في مجلس النواب، وشقيقه حسن أبوزريبة يقود جهاز دعم الاستقرار في الزاوية، أما الشقيق الثالث فهو عصام، وزير الداخلية في حكومة أسامة حماد. ويوجد تنافس مباشر بينه وبين محمد بحرون على السيطرة على الطريق الساحلي.
وأيضًا، اللواء 52 مشاة بقيادة محمود بن رجب، التابع للمنطقة العسكرية الساحل الغربي، واللواء تشكل بقرار من محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي.
من اشتباكات سابقة في الزاوية
وتوجد أيضًا كتائب "المهربين"، ولها نفوذ قوي في المدينة. وهي تشكيلات مسلحة غير شرعية تعمل في مجال تهريب الوقود والمهاجرين غير النظاميين عبر البحر. معظمها تُظهر تبعيتها لوزارتي الداخلية والدفاع، ولكنها غالبًا ما تكون شكلية، وهدفها بالدرجة الأولى رعاية مصالحها. ويوجد ضمن عناصرها "مرتزقة" من العمالة الإفريقية الموجودة في ليبيا، وقد تم تجنيدها في هذه التشكيلات.
كما أن بعض التشكيلات الأخرى تعمل خارج إطار الدولة تمامًا، وتُتهم بالتورط في عمليات تهريب وجرائم أخرى، وهي تعمل داخل مزارع واستراحات خارج المدينة، وتستغل القبائل غالبًا في حماية مصالحها.
هذه الفصائل في صراع مستمر وعمليات تصفية متبادلة لقادتها، ويحدث ذلك كلما كان هناك تضارب مصالح بينها. ولم يستطع حتى الآن أي فصيل بسط سيطرته وإخضاع البقية له، وهي سمة لا تجدها إلا في الزاوية، حيث ظلت المدينة غالبًا في حال صراع وتحارب. المثال على ذلك سوق "سيفاو" لبيع الحشيش، ومحمد سيفاو هو رئيس وحدة مكافحة المخدرات بوزارة الداخلية في الزاوية، المرتبط بشكل علني بهذا الموقع. أما رئيس حرس المنشآت النفطية في الزاوية، محمد كشلاف، فهو أبرز مهربي الوقود في المدينة.
تجارة المخدرات
تجارة المخدرات في مدينة الزاوية تُعد واحدة من أبرز الأنشطة غير القانونية التي تغذي التشكيلات المسلحة، وشكلت تحديًا أمنيًا واجتماعيًا كبيرًا للمنطقة.مدينة الزاوية تقع على الساحل الليبي، بالقرب من الحدود مع تونس ومنطقة البحر الأبيض المتوسط، ما يجعلها نقطة عبور استراتيجية لشبكات تهريب المخدرات. ومن أبرز هذه الطرق استخدام الشواطئ والموانئ غير الرسمية عبر القوارب والزوارق السريعة لجلب المخدرات عبر البحر المتوسط، خاصة من إيطاليا ومالطا، أو عبر الحدود البرية للدول المجاورة مثل تونس والجزائر، ومن ثم توزيعها داخل البلاد أو تهريبها إلى دول أخرى. وتتم هذه العمليات عبر طرق صحراوية أو بطرق رسمية بالتعاون مع جهات أمنية تستفيد من تسهيل عمليات تهريب المخدرات سواء بدعم مالي مباشر أو بتحالفات أمنية أو مصالح متبادلة.
كما تتواجد بالمدينة شبكات بيع وتوزيع للمواد المخدرة، والتي باتت في الآونة الأخيرة تقوم بالبيع بالعلن عبر "أكشاك" معروفة لجميع سكان المدينة والمناطق المجاورة، وتديرها عمالة إفريقية وافدة تحت حماية من قوات الأمن.
مركز رئيسي للشبكات الإجرامية المنظمة
فريق الخبراء التابع للجنة الجزاءات الدولية المعنية بليبيا، المكلفة من مجلس الأمن الدولي، وصف في تقريره لسنة 2023 مدينة الزاوية بأنها مركز رئيسي لعدد من الشبكات الإجرامية المنظمة التي تهيمن على الأنشطة غير القانونية في المدن على طول المنطقة الساحلية غرب العاصمة طرابلس.وأشار التقرير إلى أن مصادر الدخل الأساسية لتلك الشبكات تنبع من تهريب الوقود والمهاجرين، والإتجار بالبشر والمخدرات. أما الجهات الفاعلة الرئيسية التي تقف وراء هذه الشبكات الإجرامية فهي الجماعات المسلحة التي اكتسبت ما يشبه الشرعية من خلال تفويضات أمنية ممنوحة لها من الحكومة، مما يسمح لها بالعمل مع الإفلات من العقاب.
سخرية واسعة من العملية
شهدت منصات التواصل الاجتماعي الليبية موجة من السخرية تجاه هذه العملية الأمنية الأخيرة، والتي اعتبرها العديد منهم "مسرحية"، مشككين في جدواها وفعاليتها.تأتي هذه الردود الساخرة وسط مشهد أمني معقد تعيشه المدينة، حيث تتداخل التشكيلات المسلحة مع الأجهزة الأمنية الرسمية في هذه العملية، مما يجعل من الصعب التمييز بين الجهات المنفذة والمستهدفة. وصف البعض العملية بأنها "تجار مخدرات يقبضون على تجار مخدرات".
العملية لم تشهد أي مقاومة أو تبادل إطلاق نار، بالإضافة إلى عدم القبض على أي من تجار المخدرات المعروفين في المدينة. كما اتهم البعض حكومة الدبيبة بأن هذه العملية مجرد دعاية إعلامية لزيادة شعبيته، خصوصًا في هذا الملف الذي ظل كابوسًا يؤرق سكان المنطقة الغربية بالكامل، ولاسيما بعد الإعلان عن موعد وتوقيت العملية قبل انطلاقتها بأسبوع كامل، ما يثير التساؤلات حول الجدوى المتوقعة منها.
المصدر: https://www.alarabiya.net/north-afr...-الدبيبة-يعلن-عملية-عسكرية-داخل-مدينة-الزاوية