المراسل الآلي
عضو مميز
- المشاركات
- 88,951
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 1
- الدولة


أصبح الوضع في "هنشير بن فرحات" الواقعة في بلدة العامرة بمحافظة صفاقس جنوب تونس، كارثياً، في ظلّ تواصل "الاستيطان العشوائي" من قبل المهاجرين غير النظاميين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء، رغم الشكاوى المتكررة والوعود الرسمية.
فقد أطلق أرسلان بن فرحات، مالك "هنشير بن فرحات"، نداء استغاثة عبر "العربية.نت"، مؤكدا أنه طرد من أرضه بعدما استولى عليها المهاجرون، ونصبوا مخيمات داخلها، وحولوها إلى منطقة إقامة غير قانونية.

فبصوت يملؤه الحزن والحسرة، تحدّث بن فرحات عن المأساة التي يعيشها منذ شهر أغسطس 2023، عندما تم ترحيل المهاجرين ونقلهم ليلا في حافلات إلى غابات الزيتون لإبعادهم عن مدينة صفاقس، في قرار إداري وسياسي وصفه بـ"الخاطئ وغير المدروس".
وقال "الوضع في هنشير بن فرحات الذي أملكه مع إخوتي أصبح لا يطاق رغم وعود العديد من المسؤولين الذين اتصلت بهم للتحرك وإخراج كافة المهاجرين الأفارقة من أرضنا".
لكن أرسلان لم يبق مكتوف الأيدي وهو يشاهد أرضه تضيع أمام عينيه، بل خاض معركة قانونية لاسترجاعها وسعى بكل الطرق إلى وقف الاستيلاء عليها، حيث تقدم بشكاوى رسمية إلى السلط الإدارية والقضائية المحلية، وأجرى معاينات قانونية تم خلالها توثيق وجود 30 خيمة منتشرة داخل الضيعة بالإضافة إلى أضرار لحقت بأشجار الزيتون منذ 2023.

مخيمات داخل هنشير بن فرحات
لكن بدلا من تحرك السلطات لإيقاف هذه الظاهرة في بدايتها، ترك الوضع من دون تدّخل، مما أدّى إلى انفلات كامل، وفق قوله.
محلات وملاهٍ وملعب رياضي!
ليتفاجأ بعد نحو عام، خلال معاينة جديدة أجراها في 22 مايو 2024، بأن الضيعة لم تعد مجرد نقطة تجمع للمهاجرين، بل تحولت إلى قرية عشوائية، حيث تجاوز عدد الخيام 200، إلى جانب محلات تجارية، وملاهٍ، وملعب رياضي، وممرات، ما جعل الأرض الزراعية غير صالحة للاستغلال بعدما كانت مصدر رزق العائلة لعقود طويلة.ورغم تعدّد الشكاوى والمراسلات التي وجهها إلى الجهات الرسمية، أكد أرسلان أن السلطات لم تتخذ أي إجراءات فعلية لوقف هذا التعدّي، حيث لا يزال الوضع على حاله.
وفي آخر زيارة له إلى ضيعة عائلته، وجد أرسلان نفسه في مواجهة مشهد صادم، إذ حل الخراب في كل مكان، وتكسرت أشجار الزيتون كما انتشرت النفايات وتراكمت، وغطت الخيام الضخمة أرجاء الضيعة.

دخيل على أرضه
لكن ما لم يكن في الحسبان هو أن يقابله المهاجرون بالطرد، وكأنه هو الدخيل على أرضه.وفي السياق، قال "شعرت بالمرارة والحزن والإحباط عندما ذهبت إلى هناك قبل أيام"، متسائلا "أين يمكنك أن تشعر بالأمان إذا فقدت أرضك؟ أليس من حقنا أن نكون محميين في ممتلكاتنا الخاصة؟".
أما أكثر ما لفت انتباهه فهي الخيام التي لم تعد نفس أنواع الخيام البسيطة والبدائية التي رآها قبل أسابيع، بل تحوّلت إلى ما يشبه مخيّمات اللاجئين، كبيرة ومثبتة جيدا على الأرض، حسب قوله.

مهاجرون في أحد أحياء سوسة(أرشيفية)
كما أكد أن تلك الخيم جهزت بالعوازل لتقي من تسرب مياه الأمطار، ما يشير إلى أنّ هؤلاء المهاجرين يخطّطون للبقاء مدّة أطول. وتساءل قائلا "هل سيستقر هؤلاء المهاجرون لسنوات في الهنشير؟ ومن أعطاهم هذه الخيام ولماذا؟".
موقف صادم
إلى ذلك، أكد أنه لم يكن يتوّقع أن تأتي اللحظة التي يصبح فيها دخيلا وغريبا على ممتلكاته، حيث قام عدد من المهاجرين بمحاصرته وإجباره على المغادرة تحت التهديد.ومسترجعا تلك اللحظة قال "كنت أتأمل الخراب الذي حلّ بالضيعة عندما أيقظتني صرخات عنيفة، فرفعت رأسي، لأجد نفسي في مواجهة مهاجر غاضب، محاطا بعشرات الأفارقة الذين كانوا يصرخون بوجهي ويطلبون مني الخروج". وأردف "لم أفهم لغتهم، لكن حركاتهم كانت واضحة، لم يعد لي مكان هنا، فقد أصبحت أرضي أرضهم".
أمام هذا الموقف الصادم، لم يكن أمامه سوى المغادرة، وعشرات الأسئلة تخامره "هل دخلت إلى أرضي وأرض أشقائي أم إلى أرضهم.. كيف أصبحت أنا الغريب في المكان الذي ورثته عن والدي؟".

مركب يقل مهاجرين من تونس وليبيا إلى ايطاليا - أرشيفية من فرانس برس
"ضحيّة الضحايا"
ولعل أكثر ما آلم أرسلان، أن والده كرّس حياته كاملة لخدمة الأرض، حيث أمضى قرابة 80 عاما في غرس الزيتون والاعتناء بالأشجار، ليحافظ على إرث أجداده ويضمن مصدر رزق للعائلة.أما اليوم، فيعيش أرسلان إحساسا قاسيا بالعجز والوحدة، وهو يرى أرضه تنتزع منه من دون أن يجد داعما له، بعد أن طرق كلّ الأبواب.
لكنه لا يزال يأمل أن تتحرّك السلطات بشكل عاجل لحماية أملاك مواطنيها وإيجادّ حلّ فعّال لظاهرة التجمّعات غير القانونية للمهاجرين.
رغم كل ذلك، يعي أرسلان جيّدا، أن المهاجرين الذين استقرّوا على أرضه هم ضحايا الفقر والحروب، إذ جاؤوا من أوطانهم بحثا عن حياة أفضل، ويتعاطف مع مأساتهم، لكنّه يؤكدّ أن وجودهم وانتشارهم في ضيعته حوّله إلى "ضحيّة الضحايا".
وكانت تونس وليبيا والجزائر شهدت منذ سنوات ولا تزال، تدفق مئات المهاجرين سعياً إلى الفرار نحو أوروبا.
المصدر: https://www.alarabiya.net/north-afr...على-أرضي-فلاح-تونسي-يروي-معاناته-مع-المهاجرين